أخبار
التدافع في الأحزاب المغربية .. تعبير عن الاختلاف أم إضرار بالممارسة السياسية
باتت المؤتمرات الوطنية للأحزاب السياسية المغربية تمر في أجواء يطبعها النقاش الحاد الذي يتحول عادة إلى عنف لفظي ومادي بين المؤتمرين، بعد أن يكون النقاش والحوار غير مجدٍ وغير ذي نتيجة في هذا السياق، ما دام أن هذه المؤتمرات تحدد في مصير الحزب ومستقبل أعضائه، ليكون بذلك “تقاطب التيارات وصراعات الأجنحة” عنوان هذه المؤتمرات غالبا.
وفي هذا الإطار، نجا المؤتمر الوطني الثامن عشر لحزب الاستقلال من “صراع الصحون” هذه المرة، بعد أن وقع فيها خلال المؤتمر السابع عشر؛ غير أنه لم يكن لينجو من بعض المناوشات والنقاشات الحادة بين أعضائه، فضلا عن تقاطب واضح بين تيارين بارزين داخل الحزب بخصوص المرشحين لتركيبة اللجنة التنفيذية.
المتدخلون الذين تحدثت هسبريس إليهم أكدوا أن “حضور العنف بأنواعه داخل مؤتمرات الأحزاب يرتبط أساسا بطبيعة هذه المناسبات المصيرية، ويرتبط كذلك بحظوظ المناضلين والأعيان داخل المؤسسات الحزبية عينها، فضلا عن غياب التنشئة السياسية على مستوى هذه المؤسسات؛ وهو أمر يظل طبيعيا لكون السياسة في صلبها امتداد سلمي للحرب”.
تعليقا على الموضوع، قال عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “الصراعات التي تتم ضمن مؤتمرات الأحزاب تظل أمرا سليما، حيث إن غير السليم هو مرور المؤتمر ضمن أجواء سلسلة؛ مما يعني أن هذه الأحزاب تُؤتمر من خارجها وليس من داخلها، وبالتالي تكون الأمور محسومة سلفا”.
وأبرز العلام، في تصريح لهسبريس، أن “التعبير عن الاختلاف يظل جيدا داخل المؤتمرات، وحتى إن وصل الأمر إلى التقاطب الحاد فإنه يظل عاديا لأن السياسة في شموليتها صراع وامتداد للحرب بشكل سلمي، وهي تدبير للعيش المشترك”، لافتا إلى أن “الصراع الذي بات يظهر في المؤتمرات يعود إلى المستجد الدستوري الذي يعطي للمتصدر من الأحزاب قيادة الحكومة، وبالتالي يصبح الأمين العام للحزب رئيسا لهذه الحكومة؛ وهو ما يشعل التنافس في هذا الصدد”.
وبيّن المتحدث، في إشارة إلى مؤتمر حزب الاستقلال، أن “القيادة المنتخبة ضمن المؤتمر هي التي ستكون مشرفة على الانتخابات المقبلة ومنح التزكيات للمترشحين الذين سيمثلون الحزب بالبرلمان، وهي التي ستمثل مستقبل الحزب ككل، في وقت يظل الحزب بنفسه شاهدا على سلسلة من الحروب الداخلية”، مؤكدا أن “ما يقع بالحياة السياسية والحزبية الأمريكية أمر أحدُّ بكثير مما يقع بالمغرب”.
من جهته، أفاد محمد شقير، كاتب محلل سياسي، بأن “الآليات التي يتم توظيفها من قبل الأحزاب السياسية هي التي تؤدي إلى عدم احتواء مثل هذه الظواهر، إلى جانب كون هذه المؤتمرات لا تنعقد عادة في آجالها المحددة، بدليل أن مؤتمر حزب الاستقلال على سبيل المثال أَجَّل مؤتمره لما يصل إلى سنتين”.
وأكد شقير، في تصريح لهسبريس، أن “الخلافات المرصودة أساسا تتفجر خلال عقد المؤتمر لتتحول إلى تبادل للسب والقذف ضمن هذه المناسبات التي لا تنعقد بشكل دوري يسمح بتبديد الخلاف”، مشيرا إلى أن “من الأسباب الواقفة وراء هذا الموضوع كذلك هو غياب التربية السياسية لدى الأحزاب، لكون هذه التنظيمات لم تعد تعتمد على مؤسسات موازية لتكوين المناضل وتربيته على الاحترام”.
وذكر الكاتب والمحلل السياسي أن الموضوع له علاقة كذلك بـ”انفتاح الأحزاب على شخصيات لا تنضمّ إلى الأحزاب إلا لمصالح معينة؛ الأمر الذي يُحدث الخلاف بين الأعيان الحزبيين والمناضلين الحقيقيين، لأن هؤلاء المناضلين يتم تهميشهم على حساب الأعيان في خضم الترشيح للمناصب السياسية، لتتحول بذلك هذه التراكمات إلى عنف”، مؤكدا أن “الهيئة الناخبة في عمومها ترى أن هذا النوع من السلوك لا يتماشى مع الأعراف السياسية التي تُلزم الأحزاب بأن تكون قدوة وتمارس السياسة بمفهومها النبيل”.
المصدر : هسبريس