الثقافة والفن
فيلم Image الرائع وكيف يصنع الإعلام الأكاذيب
مقال بواسطة مصطفى فتحي
لم يحقق فيلم Image (فيلم بلجيكي من إنتاج عام 2014) مكاسب تجارية ضخمة، ولم يُعرض في دور السينما العربية، رغم ان اغلب فريق صناعه من العرب المهاجرين لبلجيكا، لا أعرف الأسباب تحديداً، ربما بسبب سيطرة شركات صناعة السينما الأمريكية على عالمنا العربي، أو لأننا مصرين على الغرق في بحر الأفلام الأمريكية ولا نريد اعطاء أنفسنا فرصة أن نتنفس تجارب مختلفة من عوالم سينمائية جديدة.
يحكي الفيلم بكل صراحة كيف يصرّ الإعلام الغربي على تصدير صورة نمطية ثابتة عن العرب، كهمج ومتخلفين وعشاق للعنف والدماء، دون ان يعطي لنفسه فرصة للتحقق من تلك الصورة وهل هي فعلاً سليمة أم لا، يعلمنا الفيلم اشياء عدة عن كواليس صناعة الإعلام، سأحاول ان اختصرها هنا.
عن الفيلم
لا تنقل اغلب وسائل الإعلام في بلجيكا سوى اخبار عن عنف المهاجرين العرب، وكيف ان بعضهم لا يحترم ثقافة وقوانين البلاد التي فتحت لهم ابوابها، فتقرر صحفية بلجيكية وصانعة افلام هي (ايفا) ان تصنع فيلم وثائقي مختلف عن هؤلاء القادمين من المغرب العربي.
تحمل كاميرتها وتتوجه لهم في الأحياء الشهيرة التي يعيشون فيها، تحاول ان تقترب منهم لتعرف اسباب غضبهم من المجتمع البلجيكي، فتقابل شاب مغربي غاضب وحاد هو (الحبيب)، فيجعلها ترى وجهة نظر أخرى لواقع العرب في بلجيكا.
اكذب اكذب حتى يصدقك الناس
يوضح فيلم Image ان الإعلام هو من يقرر للناس كيف يتخذون مواقف من كل التفاصيل حولهم، وان من يريد ان يكون له افكاره الخاصة يجب عليه ان يقوم ببعض المجهود ويبحث بنفسه عن الحقيقة.
يخبرك فيلم Image ان ثقتك الزائدة في وسائل الاعلام هو اكبر خطأ تقوم به، فلكل وسيلة اعلام مُلّاك لهم مصالح، واجندات يريدون فرضها على المجتمع، والفرصة الوحيدة كي لا تكون فريسة سهلة لهم هي أن تتعلم التفكير النقدي الذي يجعلك تحلل كل شيء قبل أن تصدقه.
تحرر من الإعلام
بالتأكيد وسائل الإعلام هي طريق الناس لمعرفة ما يدور حولهم، لكن هل يجب ان تكون هي مصدرك الوحيد؟ لا.. فالخبرات ايضاً مهمة، حين تسافر مثلاً إلى بلد مثل امريكا ستكتشف صورة اخرى عن تلك التي زرعتها في رأسك عنها وسائل الإعلام كبلد أقرب للجنة، وذلك لأن الإعلام لا يرغب سوى في ان ترى صورة معينة.
لذلك تحرر مما يريدك الاعلام ان تقتنع به وجرب بنفسك ان تكتشف الحياة من حولك قبل ان تصدق اي حقيقة، السفر ومقابلة ناس من ثقافات وخبرات مختلفة وقراءة كتب لمؤلفين من اتجاهات فكرية متباينة سيجعلك قادرا على تكوين صورة صحيحة إلى حد ما.
ابحث عن الصورة الكاملة
لو كنت صحافيّ أو مواطن صحافيّ مهتم بالتوثيق فعود نفسك ان تنقل للناس صورة كاملة لما يحدث، ابحث عن زاوية جديدة غير معتاد مناقشتها في وسائل الإعلام وقدمها للناس.
لم تقتنع بطلة فيلم Image بما تقدمه القنوات التليفزيونية للناس فقررت ان يكون لها دور فحملت كاميرتها ونزلت الشارع لتبحث بنفسها عن الحقيقة، لتعرفها هي ثم تساعد الناس على معرفتها بعد ذلك، الحقيقة ان هذا هو الدور المهني والأصلي لكل صحافيّ او حتى مواطن صحافيّ يهمه أن تعرف الناس الحقيقة.
يحتاج الإعلام دوماً لقصص مثيرة
تسعى القناة التي تعمل بها (ايفا) في الفيلم لأن تُقدّم للناس قصص مثيرة تشد انتباه الناس حتى لو كانت قصص غير دقيقة، الحقيقة ان هذا هو منطق اغلب وسائل الإعلام من حولنا، بعضهم لا يسعَ ابداً لرفع وعي الناس وتقديم قصص مختلفة، هم فقط يريدون ان تتدفق على قنواتهم الإعلانات التجارية ليحققوا مكاسب، وبالتالي يجب ان نفهم هذه الحقيقة ونحن نتعاطى مع وسائل الإعلام، حتى لا نصبح مجرد رقم في قوائم عدد المشاهدين وفقط.
وأخيراً.. هذا المقال لا يعنِ ابداً ان نخاصم وسائل الإعلام ولكنه يعني الا نكتفي بوسيلة اعلام واحدة فقط، يجب ان نشاهد وجهات نظر مختلفة حتى يصبح لدينا معلومات عدة تجعلنا قادرين على اتخاذ موقف، ويجب الا تكون القنوات التليفزيونية هي مصادرنا فقط لمعرفة ما يحدث، المقالات مهمة، ومواقع الإنترنت، والكتب، والافلام الوثائقية، والخبرات ومقابلة ناس والحديث معهم أيضاً، وما فعله الفيلم هو تسليط الضوء على هذه المشكلة..