في ظل الوضعية الاقتصادية المتأثرة بالجفاف والتضخم، يستعد المغاربة لاستقبال رمضان هذا العام وسط ظروف معقدة، تجعل الكثير من الأسر تفكر في مراجعة نمط عيشها خلال هذا الشهر الفضيل الذي يتميز عادة بكثرة الاستهلاك وتنوعه.
وتبقى المائدة المغربية من أكثر الموائد غنىً وتنوعاً في العالم العربي والإسلامي خلال شهر رمضان، الذي يتميز بالإقبال الكبير على الاستهلاك الذي ينعكس إيجابا على السوق الوطنية والرواج التجاري؛ غير أن الوضع الاقتصادي والظرفية المناخية يؤثران على مستوى الأسر وقدراتهم الشرائية.
في تعليقه على الموضوع، قال الخبير الاقتصادي عمر الكتاني إن التضخم والجفاف خلال هذه السنة سيكون لهما “تأثير واضح على نمط استهلاك الأسر المغربية في رمضان، وخاصة على المستوى النفسي”.
وسجل الكتاني، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الضغوط على المواد الغذائية ستخلق “نوعا من الشعور بالإحباط لدى الأسر التي تشتهي استهلاك بعض المواد في رمضان والتي لا تستهلكها عادة في غيره”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن ارتفاع الأسعار بلغ 40 في المائة بالنسبة للمواد الأساسية عند البيع بالتقسيط؛ وهو ما سينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين العاديين من أبناء الطبقة الوسطى والفقيرة التي تخصص 50 في المائة من الدخل للاستهلاك والتغذية.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن ارتفاع الأسعار سيدفع الكثير من الأسر في رمضان إلى التخلي عن “جزء من الخدمات الأخرى، مثل الترفيه أو النقل، من أجل تغطية العجز الذي سيخلقه الحفاظ على استهلاك بعض المواد الأساسية في رمضان”، محذرا من أن تغيير البرنامج الغذائي لدى الأسر بسبب الوضع الحالي سيؤثر على “التوازن الغذائي لدى الأطفال، الذي يمكن أن يؤثر على طاقتهم الفكرية ونتائجهم الدراسية”.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي محمد جدري إن الأسر المغربية، خاصة من ذوي الدخل المحدود، “تعاني من آثار التضخم وتوالي سنوات الجفاف منذ أزيد من سنتين؛ وبالتالي فإن القدرة الشرائية لهذه الأسر وكذا الأسر المحسوبة على الطبقة المتوسطة تدهورت بشكل كبير، وهو ما يدفع هذه الأخيرة إلى الاستغناء عن الكماليات من السلع والمواد الغذائية في قفتها الرمضانية”.
وأضاف جدري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الإيجابي اليوم يتمثل في أن السوق الوطنية تشهد “انخفاضا في أسعار الخضر التي تستهلك بشكل كبير من طرف الأسر المغربية في هذا الشهر الفضيل”، متوقعا أن يشهد الإقبال على الأسواق الرمضانية خلال هذه السنة “تراجعا مقارنة بالسنوات التي قبلها؛ بالنظر إلى انخفاض القدرة المالية لهذه الأسر”.
كما توقع الخبير الاقتصادي ذاته أن تسجل أسعار بعض المواد الأولية الأساسية “ارتفاعا نتيجة تزايد الطلب عليها من طرف المستهلك المغربي”، موضحا أن الشهر الفضيل “إضافة إلى كونه شهر العبادة والتعبد، فهو يشكل أيضا مناسبة لانتعاش عدد من الأسواق والترويج لمجموعة من المنتجات والسلع؛ وبالتالي انتعاش الحركية الاقتصادية وخلق مجموعة من فرص الشغل المؤقتة”.
المصدر : هسبريس