أفادت آخر الإحصائيات الصادرة عن بنك المغرب بأن الأصول الاحتياطية الرسمية من العُملة الصعبة بلغت، إلى غاية نهاية الشهر المنصرم، ما مجموعه 292,4 مليارات درهم، بارتفاع نسبته 24,2 في المائة على أساس سنوي.
وكان رصيد المغرب من العُملة الصعبة في منتصف شهر فبراير المنصرم، أي قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، حوالي 242,2 مليار درهم، وإلى حدود اليوم ارتفع هذا الرصيد بحوالي 50 مليار درهم.
ويتجلى من هذه الأرقام ارتفاع وتيرة لجوء الحكومة إلى الاقتراض الخارجي، خصوصاً لدى مؤسسات دولية وأوروبية وعربية بهدف تجاوز ضغوطات أزمة فيروس كورونا على أوضاع المالية العامة بسبب انخفاض المداخيل.
وبعد تفشي الوباء وفرض الحَجر الصحي وتوقف نسبة مهمة من الأنشطة الاقتصادية، اضطرت الحكومة لتعديل مقتضى قانوني للسماح لها بتجاوز سقف التمويلات الخارجية خلال السنة الجارية التي كانت محددة في 31 مليار درهم.
ولجأت الحكومة إلى هذا التعديل لتوفير حاجيات البلاد من العُملة الصعبة، في ظل تأثر مجموعة من القطاعات؛ كالسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والقطاعات المصدرة وتحويلات المغاربة القاطنين بالخارج التي تمثل مصادر مهمة للعملة الصعبة المهمة لضمان الواردات الأساسية.
ويُرتَقب أن يتم اللجوء إلى اقتراض 30 مليار درهم إضافية خلال الأشهر القليلة المقبلة بهدف تمويل جزء من خطة الإقلاع الاقتصادي، الذي صادقت عليه الحكومة الأسبوع الماضي، حيث سيتم رصد هذا المبلغ لصندوق الاستثمار الإستراتيجي الذي أحدث بتعليمات ملكية، إضافة إلى 15 مليار درهم معبأة من طرف الدولة.
ويُحذر عدد من الاقتصاديين من ارتفاع وتيرة الاقتراض الخارجي في ظل أزمة كورونا، ويؤكدون على ضمان تحرك الدين العام في مستويات قابلة للاستدامة وتقليل المخاطر المرتبطة به في الأجلين المتوسط والطويل.
في المقابل، يعتقد آخرون أن اللجوء إلى الاقتراض أمر لا يطرح إشكالاً في الظرفية الاستثنائية الحالية، ويبقى الأهم في أي اقتراض هو كيفية استعماله بشكل مربح، أي توجيهه ما أمكن إلى الاستثمارات المنتجة.
في هذا الصدد، قال محمد شيڭر، اقتصادي رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، إن “الاقتراض من أجل الاستثمار ليس مثل الاقتراض من أداء الأجور مثلاً. ولذلك، فإن الإشكال يتمثل في طريقة استعمال وتخصيص هذا الدين”.
وأضاف شيڭر، أن “الاقتراض من أجل الاستثمار يمكن أن يخصص لاستثمار منتج أو في البنيات التحتية، وعلى الرغم من أن هذا الأخير ليس مُنتجاً بمعنى الكلمة؛ لكنه يخلق ظروفاً لجذب استثمارات”.
وأشار الاقتصادي إلى أن “اللجوء إلى الاقتراض الخارجي حالياً يتم بنسبة فائدة ضعيفة، وهو أمر يستدعي من الدولة انتهاز الفرصة ما دام أن المقتضيات القانونية تتيح ذلك، من أجل تخصيصه للاستثمار”.
ويَعتبر شيڭر أن “نسبة الدين الخارجي من إجمالي الناتج الداخلي الخام لا تزال في مستويات معقولة، أما الدين الداخلي فهو يتجاوز 30 في المائة؛ لكن هذا النوع من الدين لا يطرح أي إشكالية بالنسبة للدولة”.
وأكد المتحدث أن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي أمر بالغ الأهمية من أجل تحسين رصيد البلاد من العملة الصعبة ومن أجل دعم مشاريع البنية التحتية والاستثمارية؛ لكن رغم ذلك لا يجب المبالغة فيه بمستويات عالية جداً.
ويبقى الاستمرار في اللجوء إلى الاقتراض الخارجي من طرف المغرب رهيناً باستمرار تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي والشركاء الرئيسيين للمغرب، خصوصاً في الاتحاد الأوروبي؛ وهو ما سيضع الحكومة أمام تحديات مستمرة على مستوى المالية العمومية.
المصدر: هسبريس