سلايد 1سياسة وعلاقات دولية

حقوقيون يسخرون من انتخاب جزائري ضمن لجنة أممية لمناهضة التمييز العنصري

الجزائر

 

أعيد انتخاب الجزائري نور الدين أميرّ في بلجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، لعهدة خامسة تمتد لأربع سنوات ابتداءً من يناير 2018. وقد أعيد انتخاب “أمير” بالأغلبية الساحقة بــــ 128 صوتًا خلال الاجتماع الـــــ27 للدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية حول القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي انعقدت ، الخميس الماضي، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

وجاء انتخاب “نور الدين أمير” ليعزز قائمة الجزائريين المنتخبين مؤخرًا لأداء مهام دولية مثل “محمد لعرابة” في لجنة القانون الدولي و “بوعلام بوقطاية” في المحكمة الدولية لقانون البحار، و الجزائري أمير حائز على دكتوراه في الحقوق، تقلد مناصب دبلوماسية عدة قبل أن ينتخب لأول مرة في 2001 بصفة خبير في لجنة الأمم المتحدة، من أجل القضاء على التمييز العنصري، وتضم هذه اللجنة الأممية 18 خبيرًا “يشهد لهم بالأخلاق العالية والنزاهة”.

وأنشئت اللجنة في 1969 مع دخول الاتفاقية الدولية حول القضاء على كل أشكال العنصرية، حيز التطبيق التي تلزم الموقعين عليها بالقضاء على أي شكل من أشكال التمييز العنصري، وبترقية التفاهم بين كل الأعراق، إضافة إلى إعادة انتخاب أمير انتخبت اللجنة خلال الدور الأول أعضاء الدول الثمانية (اليابان، بلجيكا، المجر، تركيا، كوريا، الجنوبية، البرازيل، موريس وكوت ديفوار).

واستبعد من عملية الاقتراع التي خصصت لتجديد المقاعد الشاغرة للجنة كل من مرشحي المغرب وناميبيا والإكوادور والعراق والكونغو وجيبوتي من الدور الأول، يذكر أن اللجنة تتكون من 18 خبيرًا يشهد لهم بنزاهتهم وأخلاقهم العالية و ينتخبون لمدة 4 سنوات من طرف الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية حول القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. كما يوجد انتخابات تجرى كل عامين لتعويض نصف الأعضاء. وتراعي اللجنة في تشكيلها التوزيع الجغرافي العادل والتمثيل الحضاري المتنوع وكذا أهم الأنظمة القانونية.

و لم يمر تعيين الجزائري “نور الدين أمير” ضمن لجنة أممية لمناهضة التمييز العنصري مرور الكرام بل أثار جدلاً واسعًا بلغ حد السخرية من هذا التعيين في الوقت الذي يعاني فيه،هذه الأيام، اللاجئين الأفارقة من حملة مطاردة و إساءة و اعتداءات و مطالب بترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية من طرف بعض الجزائريين الذين يبدوا أنهم نسوا أنهم هم أنفسهم “أفارقة” و ينتمون إلى قارة إفريقيا و ليس إلى أوروبا أو أميركا.

وأبدا عدد من الحقوقيون الدوليون في حديثهم مع “المغرب اليوم” عن استياءهم الشديد من تعيين جزائري أو إعادة تجديد الثقة فيه بلجنة أممية لمناهضة التمييز العنصر و جزائريون من أبناء بلده يُمارسون التمييز العنصري بأسوأ صوره ضد اللاجئين الأفارقة وصلت حد ملاحقتهم و الاعتداء عليهم بالضرب و الحرق و مطالبتهم بترحيلهم من الجزائر،و أن التقارير القادمة من الجزائر تشير إلى أن هؤلاء اللاجئين الأفارقة يعانون التمييز و الاضطهاد و الخوف و كالوا السلطات الجزائرية بتأمين الحماية لهؤلاء اللاجئين و الحفاظ على سلامتهم الجسدية و صون كرامتهم الإنسانية و العمل على توفير الظروف المناسبة لعيشهم في الجزائر أو إيجاد صيغ مناسبة و عاجلة لإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.و ذهب بعض الحقوقيين إلى حد السخرية و التهكم من تعيين جزائري بلجنة أممية لمحاربة التمييز العنصري رغم اعترافهم بأن الحكومة الجزائرية تعمل على حماية هؤلاء اللاجئين الأفارقة.

فقد عبر فرع منظمة العفو الدولية “أمنيستي” في الجزائر عن ارتياحه لإعلان وزير الداخلية نور الدين بدوي عن مشروع قانون خاص بالمهاجرين الذين يواجهون مخاطر في بلدانهم. وجاء إعلان بدوي بمناسبة اليوم العالمي للاجئين المصادف لـ20 حزيران/يونيو من كل سنة. وأوضحت حسينة  أوصديق ،مديرة الفرع بالجزائر، في لقاء مع الصحافة بالعاصمة الجزائرية، الأربعاء الماضي، أن الجزائر “أصبحت بلد استقبال للمهاجرين، بفضل استقرار الأوضاع بها، فاللاجئون الذين يأتون إليها لم يختاروا مغادرة بيوتهم وعائلاتهم وإنما اضطروا لذلك بسبب التهديدات”، مشيرة إلى أن مشروع القانون الذي تعدَه وزارة الخارجية “خطوة إيجابية، ثم إنه لا ينبغي أن ننسى أننا بلد إفريقي”.

تقصد أنه غير لائق التعامل مع اللاجئين الأفارقة على أنهم قادمون من قارة بعيدة. ودعت المتحدثة السلطات الجزائرية إلى توفير استقبال لائق للمهاجرين السوريين ورعايا دول الساحل، وإلى عدم ممارسة التمييز ضدهم، وقالت إن القانون المرتقب لا ينبغي أن يتضمن عقوبات ضد الأجانب الذين يعبرون الحدود بطريقة غير قانونية. وبخصوص الأفارقة الذين يشتغلون في ورشات البناء، ذكرت أوصديق أن أوضاعهم هشة ولا يستفيدون من أي حماية وأنهم “يتعرضون للاستغلال، فهؤلاء تم تشغيلهم لأنهم يملكون خبرات نحن بحاجة إليها، لهذا لابد من تسوية أوضاعهم”. كما احتجت على ترحيل المئات من المهاجرين النيجريين العام الماضي، وأفادت بأن معظمهم عادوا إلى الجزائر بعد فترة قصيرة. ولاحظت مسؤولة مكتب منظمة العفو الدولية بالجزائر “بأسف أن خطابًا عنصريًا وحتى دعوات للعنف، انتشرت في شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ضد الأفارقة في اليوم العالمي للاجئين، ولحسن الحظ أن هذه التصرفات الصادمة لا تمثل كل الجزائريين”، داعية الحكومة إلى تطبيق قانون العقوبات بحق من يدعو إلى ممارسة العنف ضد أي شخص.

و ذكر سعيد صالحي مسؤول بالرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان أن المهاجرين السوريين ورعايا الساحل، “يملكون الحق في الشغل والتعليم والعلاج، وعلى السلطات الجزائرية تلبية هذه الحقوق”، ودعا إلى أن يولي القانون المنتظر عناية لشبكات الاتجار بالمهاجرين بهدف تجريم هذا العمل، وأضاف: “ليس من حقنا التنديد بالعنصرية ضد المهاجرين في أوروبا، بينما نفعل الشيء نفسه تجاه المهاجرين الأفارقة بالجزائر”. وذكرت أوصديق في هذا الشأن: “على الجزائريين أن يتعلموا التعايش مع الآخر، وهذا الآخر هو الرعية الذي ينحدر من عدة دول إفريقية”. وخلال النقاش الذي أعقب تدخل المسؤولين الحقوقيين، جرى حديث عن “تقبل الجزائريين العيش مع مهاجرين ولاجئين من بلدان بالشرق الأوسط كالسوريين، فيما يرفضونه مع مهاجرين ذوي بشرة سوداء”.

وأوضح صالحي أنه لا توجد جهة حكومية في البلاد تتلقى طلبات اللجوء، وأن من يتكفل بها هو مكتب محافظة اللاجئين الأممي الذي أحصى 92 ألف طلب في 2015. ولا يعرف، حسبه، إن وافقت السلطات على بعض هذه الطلبات، فيما ذكرت أوصديق أن “هناك حاجة ملحة للترويج لثقافة حقوق الإنسان في الجزائر، ومن الأفضل أن نبدأ بالتلاميذ في المدارس”.

وكشف نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي، أن المحافظة السامية للاجئين في الجزائر استقبلت خلال 2015 أزيد من 90 ألف طلب لجوء إلى الجزائر، وقال المتحدّث ذاته خلال النّدوة الصّحافية التي انعقدت، الجمعة، في مقر منظمة العفو الدولية، إن عدد طالبي اللجوء إلى الجزائر قدر في 2015 بـ 92 ألف طلب، مشيًرا إلى أنه لا يوجد هيئة مكلفة باللاجئين في الجزائر للتكفل بهم.

وعلى الصّعيد ذاته، أكد نائب رئيس الرابطة الوطنية للدّفاع عن حقوق الإنسان، أنه لا يمكن حصر العدد الحقيقي للاجئين في الجزائر، بسبب عودة اللاجئين المتدفقين على الجزائر بعد إرسالهم إلى بلدهم الأصلي، مشيرًا إلى أنّ العديد من الأفارقة يعانون كثيرًا بسبب استغلال من طرف شبكات تتاجر بهم.

من جهته أبرز وزير الشؤون الخارجية الجزائرية، عبد  القادر مساهل، أمس الجمعة بكامبالا-عاصمة أوغندا- “الأهمية” التي توليها الجزائر لإشكالية  اللاجئين وتدفق المهاجرين”. وفي مداخلته خلال أشغال قمة التضامن حول اللاجئين التي تنعقد بكامبالا، أكد  مساهل على “الأهمية” التي توليها الجزائر لإشكالية اللاجئين وتدفق  المهاجرين وعلى ضرورة إيجاد حل في أقرب الآجال لهذه الظواهر.

وأضاف الوزير في هذا الصدد أن “الجزائر التي تستقبل على ترابها حوالي  40.000 لاجئ سوري وعدة آلاف لاجئين صحراويين وآلاف المهاجرين من إفريقيا  الواقعة جنوب الصحراء تبقى وفية لتقاليد حسن الضيافة من خلال بذلها لجهود كبيرة بالرغم من الإمكانيات المحدودة من أجل توفير استقبال لائق للاجئين والمهاجرين وتقديم خدمات العناية والصحة والتعليم لهم بطريقة مجانية.

وذكر  مساهل بأن “وضع اللاجئين الصحراويين الذي اضطروا إلى الهجرة بسبب احتلال أرضهم -والذين تضمن الجزائر بقدر كبير التكفل باحتياجاتهم  الأساسية- يبقى محل انشغال سواء بالنسبة للاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة”، وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية في هذا الصدد على ضرورة تسوية هذا النزاع في إطار لوائح الأمم المتحدة ذات الصلة من خلال تنظيم استفتاء حر ونزيه لتقرير  المصير برعاية الأمم المتحدة، وأضاف السيد مساهل أن “هذه التسوية من شأنها تمكين اللاجئين الصحراويين من العودة إلى بلدهم بكل حرية وفي كنف الأمن”.

كما أوضح رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون أن الحكومة الجزائرية تتجه نحو تنظيم وجود اللاجئين الأفارقة والعرب في الجزائر، مؤكدًا أن الجزائر ملتزمة بفتح أبوابها لللاجئين الأفارقة والعرب، وذلك لاعتبارات إنسانية وتماشيا مع مبادئنا، كون الجزائر عانت في وقت سابق من ويلات الاستعمار وكذا العشرية السوداء ووجدنا عدة دول واقفة بجانبنا لمساندتنا.

وأكد تبون خلال الجلسة الأخيرة للتصويت على مخطط عمل الحكومة الجزائرية أمام البرلمان أن وزارة الداخلية الجزائرية تنسق مع المصالح الأمنية لتقنين وجود اللاجئين في الجزائر، موضحًا أنه ستتم دراسة ملف كل مهاجر على حدة مع حق رفض الملفات السوداء وترحيلهم الى بلدانهم، وكشف رئيس الوزراء الجزائري أن “هناك جهات تريد تشويه صورة الجزائر، على أننا عنصريين في الخارج باستغلال ملف اللاجئين”.

إغلاق