جغرافيا

الحشرة القرمزية 
تتلف التين الشوكي وأخنوش عاجز عن التدخل

بعد ما أتلفت نهائيا ما لا يقل عن 46 ألف هكتار من الصبّار بإقليم الرحامنة، وحوّلتها إلى حطب يابس، تجتاح الحشرة القرمزية، تزامنا مع انطلاق الموسم الحالي لجنْي التين الشوكي، أقاليم السراغنة، شيشاوة، اشتوكة أيت باها، وإداوتنان بسوس ماسة، وتنتقل، تدريجيا، إلى منطقة آيت باعمران، المعروفة بجودة منتج الصبّار أو “أكناري”، وشساعة حقوله الممتدة على أكثر من 80 ألف هكتار من إقليم سيدي إفني، إلى وادي درعة بإقليم كَلميم.
ويتخوف فلاحو المناطق المذكورة من ضياع موسم الفاكهة، مشتكين من أنهم تُركوا لوحدهم يحصون خسائرهم، ويواجهون الآفة بوسائلهم الخاصة والمتواضعة، دون أي يتدخل من طرف الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، التي تقف عاجزة عن التدخل للقضاء على الآفة، إذ أكد عزيز أخنوش بأنه لا يوجد أي مبيد لمواجهتها حاليا، مكتفيا بالإشارة، خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته الحكومة بمراكش، بتاريخ السبت 21 أبريل المنصرم، إلى أن الحل الوحيد المتاح حاليا، هو اجتثاث الأغراس التي ضربتها الحشرة وإتلافها، عبر حرقها أو طمرها، بل أكثر من ذلك أعلن بأن وزارته أوقفت برنامج غرس الحقول بنبات الصبّار، في الوقت الذي قال فيه بأن وزارته اقتلعت حوالي ألفي كلم من الأغراس المضروبة، وبأنها تجري تجارب مكثفة على ثمانية أصناف جديدة من التين الشوكي أكثر مقاومة للأوبئة الزراعية، من أجل إطلاق عملية غرسها ببعض الجهات.
فلاحو المناطق الجديدة المتضرّرة يتوجسون من تكرار السيناريو، الذي وقع في الرحامنة، التي تغطي فيها زراعة الصبّار أكثر من 25 في المائة من المساحة الإجمالية المغروسة بهذا النبات وطنيا، فلقد كان رد فعل المسؤولين مرتبكا ومستخفا بخطورة الآفة، واقتصر التدخل الرسمي بالإقليم المذكور على إحداث ما سمي بـ”خلايا أزمة”، التزمت خلالها وزارة الفلاحة بتوفير المبيدات والآليات، وتكوين الفلاحين حول كيفية استعمالها، وهي القرارات التي ظلت بدون تفعيل ولم تثمر أية نتائج تذكر، قبل أن تنتقل الأضرار إلى باقي النباتات والأشجار المثمرة، التي تضربها الحشرة خلال مرحلة الإزهار، كما تجتاح حقول “القرعيات”، من بطيخ وسواه، وامتد تأثيرها إلى تربية المواشي، بل تحولت إلى معاناة حقيقة بالنسبة إلى سكان المنطقة أنفسهم، فما إن يحل الليل بالدواوير، حتى تندفع أسراب من الحشرة باتجاه أضواء المصابيح الكهربائية، وتحوّل تناول السكان للطعام إلى عذاب حقيقي، وهو ما كان يضطرهم إلى تناول وجبة العشاء قبل غروب الشمس، دون أن يهتدوا إلى حيلة تقيهم ومواشيهم من لسعات الحشرة التي تقضّ مضاجعهم وتفسد أنشطتهم الفلاحية.
وكانت وزارة الفلاحة رصدت، بعد أكثر من سنتين على اجتياح الحشرة للمئات الهكتارات من حقول الصبّار في مناطق مختلفة، غلافا ماليا قدره 80 مليون درهم (8 مليار سنتيم)، لحماية محاصيل الصبّار ووقف انتشار الحشرة، ووفقا لبلاغ سابق أصدرته الوزارة، فقد تم تعليق برنامج الأغراس الجديدة، في إطار مشاريع الدعامة الثانية من مخطط المغرب الأخضر، إلى حين التمكن من التحكم في الآفة، تزامنا مع إحداث لجنة لليقظة تتولى تدبير وتتبع برنامج اقتلاع وطمر الأغراس الأكثر تضرّرا.

إغلاق