جغرافيا
تونس: الإعلان عن جهة برلمانية جديدة و«النهضة» تشكك في نجاحها
أعلن نواب تونسيون تأسيس ”جبهة برلمانية وسطية تقدمية” قالو إنها تهدف إلى ”إعادة التوازن البرلماني”، إلا أن عددا من المراقبين اعتبروا أن الجبهة الجديدة موجهة أساسا ضد حركة «النهضة» مشيرين إلى أنها «ولدت ميتة»، فيما شككت الحركة بإمكانية نجاحها وخاصة في ظل غياب رؤية سياسية واقتصادية موحدة بين مكوناتها.
ونشر الصحبي بن فرج النائب عن حركة «مشروع تونس» بيانا أعلن فيه عن تأسيس «جبهة برلمانية وسطية تقدمية» تضم 43 نائبا ينتمون إلى كتل «مشروع تونس» و»آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج» و»الكتلة الوطنية» و»نداء تونس»، وبعض المستقلين.
وأكد البيان، الذي تناقله عشرات النواب المشاركين في الكتلة الجديدة، أن هذه الكتلة تهدف إلى «إعادة التوازن البرلماني بتوحيد المواقف والرؤى داخل البرلمان من أجل إضفاء النجاعة على العمل التشريعي والرقابي (…) وتحقيق الاستقرار السياسي بما يسمح بالإسراع بإصلاحات اقتصادية واجتماعية عاجلة (…) وضمان استمرار حرب الدولة على الفساد ودعم مجهودات مؤسساتها لإنجاح هذه الحرب على أساس الشفافية والشمولية»، مشيرا إلى أن المؤسسيين سيعلنون في البرلمان، الاثنين، بشكل رسمي عن تأسيس الكتلة التي قال إنها مفتوحة على بقية نواب «العائلة الوسطية التقدمية».
ولم تمضِ سوى ساعات على الإعلان عن الكتلة الجديدة حتى بدأ الخلاف بين أعضائها، حيث اعتبر مصطفى بن أحمد رئيس الكتلة الوطنية أن «تسريب مشروع بيان وأسماء تخص تكوين الجبهة البرلمانية على الحساب الفيسبوكي للنائب الصحبي بن فرج، وذلك قبل انعقاد الجلسة العامة بكل النواب المعنيين، والتي لها وحدها الصلاحية في الاعلان الفعلي عن تأسيس الجبهة، يعتبر تجاوزا غير لائق قد يهدد نجاح المشاورات واجهاض هذه العملية».فيما شكك عدد من المراقبين في إمكانية نجاح هذه الكتلة، حيث كتب الباحث جوهر الجمّوسي بعنوان «الجبهة والمزمار والعصى»: «جبهة وُلدت ميّتة، لأن من فيها لا علاقة لهم بالمبادئ المعلنة للجبهة. فقد جمعهم مزمار الحكومة وما يسيل من فم صاحب المزمار من عسل، وستفرقهم عصى القصر وما تخلفه العصى لمن عصى وفي جرابه ما لا يخفى».
واعتبر عدد من النشطاء أن هدف الجبهة غير المُعلن هو تشكيل تحالف برلماني كمقدمة لتحالف انتخابي كبير مستقبلا بهدف مواجهة حركة «النهضة» الإسلامية، حيص وصف أحدهم الجبهة الجديدة بأنها «جبهة انقلابية داخل السلطة التشريعية، بتحريض من السلطة التنفيذية، لتحضير نفسها لحكم البلاد في انتخابات 2019»، مضيفا «ومن الان الى ذلك التاريخ، ليذهب الشعب التونسي (مهما كانت طبقته وجهته) الى الجحيم!».
فيما وصف زبير الشهودي القيادي وعضو مجلس شورى حركة «النهضة» الجبهة الجديدة بأنها «مفلسة»، وقال في تصريح خاص لـ»القدس العربي»: «هناك ارهاصات لتكرار المشاهد التقليدية نفسها في تونس وأقصد هنا التكتلات التي لا تجمعها – للأسف- إلا الضدية، فهذه الكتلة تشارك فيها أطراف متناقضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولا تجمعها أي برامج أو رؤية اقتصادية موحدة، بل يجمعهم مشروع الضدية وخاصة ضد حركة النهضة ومثل هذه المشاريع أثبتت إفلاسها، وأعتقد أن المشاريع التي نحتاجها في تونس يجب أن تتضمن برنامج أو تصور لحلول اقتصادية اجتماعية بالأساس مع المحافظة على الاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد».
وحول فكرة «إعادة التوازن» البرلماني التي تتحدث عنها الجبهة الجديدة، قال «التوازن يفترض أن يكون عبر المعارضة، وحقيقة، المشهد البرلماني يحتاج إلى وضوح، إذا لا يمكن أن نعرف حاليا من هو مؤيد للحكم ومن هو في المعارضة، ولذلك فكرة إيجاد كتلة تضمن مؤيدين للحكومة ومعارضين لها تعتبر مغالطة كبير ولا تصح في قاموس السياسة، فعدم التموقع الواضح في الخارطة البرلمانية هو الذي يؤدي لمثل هذه الإرباكات والتي يحمل أغلبها أجندات انتخابية ومحاولة للبحث عن تموقع أكثر من البحث عن حلول تحتاجها البلاد».
وكان ياسين إبراهيم رئيس حزب «آفاق تونس» (أحد الأحزاب المشاركة في الجبهة الجديدة) هاجم مؤخرا حركة «النهضة»، حيث شكك في مدنيتها ودعا إلى هزيمتها في الانتخابات المقبلة.
وعلّق الشهودي على ذلك بقوله «مدنية النهضة موجودة ومثبتة قبل دخول ياسين إبراهيم إلى عالم السياسة، وخاصة أنه كان غائبا عن الساحة السياسية أيام النضالات الكبرى، وبالتالي لا يستطيع أن يحكم على تاريخ الحركة ومن شاركها النضال ضد الاستبداد، ومن ناحية أخرى، أن تقبل بمشاركة طرف آخر في الحكم لعدة سنوات ثم تلجأ لاحقا للتشكيك في مدنيته، فهذا يؤكد أن غير مقتدر (ضعيف الخبرة) ويدل على تدنٍ في الخطاب السياسي وهو جزء من حملة انتخابية مبكرة. أما فيما يتعلق بالحديث عن هزيمة انتخابية، فالجميع سيدلي بدلوه في الانتخابات المقبلة في إطار تنافس ديمقراطي وسيكون هناك أطراف فائرة وأخر مهزومة، وهذا أمر طبيعي في ظل الممارسة الديمقراطية».
وكان حزب «نداء تونس» نفى أي علاقة له بالجبهة البرلمانية الجديدة، متوعدا بفصل من ينتمي لها من نوابه، في وقت تحدث فيه البعض عن احتمال استبعاد النواب الستة المشاركين في الجبهة الجديدة، وهو ما يعني تقلص عدد نواب النداء إلى الخمسين.