أكد رئيس الهيئة الجزائرية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبدالوهاب دربال، أن الهيئة مكلفة بفرض الشفافية على الاستحقاقات الانتخابية كافة، بدءًا من الانتخابات المحلية ومرورا بالانتخابات التشريعية وانتهاء بانتخابات الرئاسة، مشيرا إلى أن عمل الهيئة مستمر ودائم وغير مرتبط بهذه الاستحقاقات وأنه تم إعطاؤها كافة الصلاحيات قبل وخلال وبعد العملية الانتخابية وحتى خارجها، مشددا على أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أجرى اصلاحات سياسية عميقة ومعمقة بعد أن أعاد للجزائر مكانتها.
وقال دربال – في حديث لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالجزائر اليوم الاثنين: إن:” عمل الهيئة يقوم على فكرة مراقبة الانتخابات وتم /دسترة/ الهيئة فهي تتميز بالاستمرارية والديمومة..ومكلفة بفرض شفافية الانتخابات والتدريب حول هذا الموضوع وتحسين النصوص القانونية المتعلقة أيضا بكل النظام الانتخابي، وتم إعطاؤها الصلاحية للاشراف على كل عملية انتخابية سواء كانت رئاسية أو تشريعية او محلية او حتى الاستفتاءات..وهي مستمرة لمدة خمسة أعوام تجدد بعدها”.
واستحدث التعديل الدستوري الذي تم عام 2016 الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لما لها من أهمية في ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها في كل مراحلها بحيث أدرج أحكامها ضمن المادتين 193 و194، فيما يهدف القانون المتعلق بالهيئة إلى تجسيد مبادئ الدستور المتعلقة بالشفافية ومصداقية الانتخابات وتكريس دولة القانون وتعزيز التجربة الديمقراطية مع تدعيم الحقوق والحريات الفردية والجماعية.
وأضاف دربال: “نحن نعرف أن الدخول في هذا التطور والنظام الجديد لن يتم الا بشكل متدرج لأننا نصطحب التراث معنا منذ استقلال الجزائر وهذا التراث يجب أن يتعدل ويتحسن باستمرار ولن يتحسن بجرة قلم هذا من الناحية القانونية.. أما من ناحية الممارسات والقناعات فالذين مارسوا العملية الانتخابية لمدة أربعين عاما لا يمكن ان تتغير قناعاتهم بجرة قلم أيضا، اذ لابد لهم من تدريب مستمر”.
وتابع:” ولهذا تندرج الانتخابات التشريعية التي جرت مايو الماضي ضمن هذا المنظور..فقد راجعنا /الوعاء الانتخابي/ مراجعة جيدة وجادة..مازال /الوعاء الانتخابي/ لدينا في الجزائر يحتاج إلى كثير من المراجعات لانه يرتكز على الحالة المدنية للشعب الجزائري تلك الحالة التي كانت محط اعتداء استعماري وتصحيحها وتقويمها ومراجعتها يحتاج الى كثير من الجهد والعمل الذي سيفضي بالضرورة الى /وعاء انتخابي/ أكثر شفافية”.
وأردف قائلا: “لأول مرة تتفاعل الإدارة مع مراقبي الانتخابات بشكل مباشر..لا أستطيع أن أكتم الشهادة.. فكلما لاحظنا شيئا من الممكن أن يثير أي علامات استفهام تجاه العملية الانتخابية أبلغنا به الإدارة التي استمعت لنا وأوقفته فورا حتى أنها عدلت في النصوص التنظيمية للعملية الانتخابية..هذه ايجابيات واعدة لتحسين المسار الانتخابي مستقبلا.. أستطيع القول اننا وضعنا خلال الانتخابات التشريعية في مايو الماضي الخطوة الاولى نحو مسار انتخابي أكثر جدية وأكثر نظافة وواعد ان شاء الله”.
وفي أواخر عام 2016.. أصدر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قرارا بتعيين عبد الوهاب دربال على رأس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بعد أن استشار مجموع الأحزاب السياسية المعتمدة بخصوص الاقتراح المتضمن تعيين دربال رئيسا للهيئة..وقد أعلن 47 حزبا سياسيا، من بين 60 حزبا جزائريا، صراحة موافقتهم على الاقتراح الصادر عن رئيس الدولة بتعيين دربال الذي شغل مناصب رسمية عدة، منها منصب نائب في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 1997، ثم عين وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان عام 1999 في الحكومة الأولى للرئيس بوتفليقة ثم مستشارا برئاسة الجمهورية الجزائرية وتوجه بعد ذلك للعمل الدبلوماسي حيث أصبح سفيرا لجامعة الدول العربية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل من 2005 إلى 2011″.
وقال رئيس الهيئة الجزائرية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال:” تعلمون ان الجزائر كانت تنتهج نظاما سياسيا مركزيا كبقية دول العالم الثالث التي قاومت الاستعمار فلما خرجت منه اعتمدت في الستينيات على النظام المركزي فكان كل شيء ممركزا.. سياسة وثقافة واجتماع.. فلما دخلنا التعددية أصبح لها قواعدها واجراءاتها وشروطها وكان لابد للتنافس الانتخابي التعددي أن يحفظ للمتنافسين حقهم في الحصول على الأصوات التي يأخذونها فكانت مراقبة الانتخابات شرطا أساسيا”.
وأضاف:”الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منذ أن تولى رئاسة الجزائر عرفت البلاد الاستقرار والتنمية واستعادت مكانتها في أمتها العربية وبعدها الافريقي والمتوسطي والدولي، ثم شرع بعد ذلك بعد استباب الأمر في اصلاحات سياسية معمقة وعميقة، وأنا من الشاهدين على انه منذ أن تولى الرئيس بوتفليقة ادارة شئون البلاد كان من أهدافه الأساسية تعديل الدستور لان الدستور كان فيه كثير من الفراغات والفجوات التي يجب أن تعدل ولكن أولويات البلد جعل التعديل يأتي متأخرا”.
وحول صلاحيات الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.. قال دربال:”الهيئة لديها صلاحيات كثيرة، فالقانون الذي أنشأها أعطاها كثيرا من الصلاحيات التي لم تكن موجودة من قبل على الاطلاق.. أعطاها صلاحيات قبل العملية الانتخابية وخلالها وبعدها وحتى خارجها، ومجموع هذه الصلاحيات فيما لو ضمت مع بعضها البعض يمكن أن تكون بداية حسنة لمسار انتخابي يتطور”.
وأضاف:” للهيئة أيضا حق الإخطار والتنبيه والتحرك التلقائي وحق اتخاذ القرار بما في ذلك تكليف النائب العام بتحريك القوى العمومية فيما لو لاحظت خرقا للقانون خلال الانتخابات وهذه صلاحيات واسعة ومقدرة ومحترمة واستعملنا بعضها في العملية الانتخابية الماضية بما سمح به الجهد والوقت ونعتبر أن هذه مكاسب وفي تصورنا فانها يجب أن تتطور أكثر”.
وفيما يتعلق بمعنى الاستقلالية، قال دربال:”الهيئة مستقلة استقلالا قانونيا بمعنى أنها صاحبة شخصية معنوية تستطيع أن تدافع عن صلاحياتها ومصالحها بالقانون وأمام الهيئات الرسمية والدستورية والشعبية وغيرها، فالاستقلال القانوني يعني أن الهيئة ليست جهازا تابعا للإدارة أو جهازا تابعا لجهة معنية..هي مستقلة لا تخضع الا للدستور ولقانونها الذي أنشأها وتلتزم بتطبيق القوانين الأخرى المتعلقة بالانتخابات”.
وأضاف:”كما أن هناك استقلالا ماليا للهيئة، فلها ميزانيتها الخاصة بها..وليس أمامها إلا الالتزام بالدستور والقانون اللذين يلزماها بتقديم تقريرها إلى رئيس الجمهورية دون غيره.. نحن مستقلون في قرارنا وتحركنا وتمويلنا، ومستقلون فيما نعتقد أنه يتعلق بالمصلحة العليا للوطن”.
وحول استعداد الهيئة للانتخابات المحلية المقبلة، قال دربال:”الانتخابات المحلية متشعبة وعدد المشاركين فيها كبير..لدينا بعض الولايات تتعدى فيها البلديات 60 بلدية.. لك أن تتصور عدد المشاركين في هذه الانتخابات وهذا يتطلب كثيرا من الجهد..هذه الانتخابات مهمة جدا للبلاد وتحتاج الى مزيد من الصبر والاقناع والود الصادق..نحن مقبلون على تجربة رائدة..تجربة ستكون اضافة الى رصيد الجزائر الانتخابي”.
وحول ما يسمى بـ”الربيع العربي”، قال دربال: “أتذكر عندما كنت سفيرا للجامعة العربية لدى بروكسل دعيت الى ندوة نظمت في البرلمان الأوروبي حول ما يسمى بالربيع العربي فقلت لهم عندما كنت في المرحلة الابتدائية وعندما كنا نكلف بموضوع تعبير وانشاء عن الربيع كنت أتكلم عن السماء الصافية والخضرة المزدهرة والورود المتفتحة، أما ما حدث في البلاد العربية فهو أبعد ما يكون عن كل تلك الصفات”.