تبدو المنطقة الصناعية في سلا، بالقرب من العاصمة المغربية الرباط، مثل منطقة أشباح.
وقبل عشرين عاما، كان هناك 75 مصنعا يعمل بها 30 ألف عامل، معظمهم من النساء. واليوم لم يعد بها سوى عدد قليل من المصانع مع قوة عاملة أقل من 5000 موظف. وصارت معظم المصانع القديمة مهجورة أو تحولت إلى مخازن.
ومُنيت هذه الصناعة بضربة قوية بعد انقضاء أجل اتفاقية الألياف المتعددة المعروفة اختصارا باسم (إم. إف. أيه) فى عام 2004.
وكانت هذه الاتفاقية تفرض حصصا تصديرية للمنسوجات والملابس من الدول النامية إلى الدول الغنية. وعندما انقضى أجلها، غمرت الواردات منخفضة التكلفة السوق، وشكلت تحديا للمنسوجات المغربية.
وقال عبد الحي بسة، المدير العام لشركة سومتكس ونائب رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة لوكالة رويترز، “هذه الشركات تعيش أزمات كبيرة وتكون مضطرة لتغلق أبوابها وبالتالي تسرح عمالها. مع من تتنافس هذه الشركات؟ تتنافس في سوق كبير هو السوق الداخلي وهو أكبر من السوق الخارجي بالضعف تقريبا، سوق يحتكره مستوردون يشتغلون خارج القانون ويحتكره أيضا مستوردون يستفيدون من دعم من دولهم الأجنبية”.
وقال محمد زائري رئيس الجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الزرابي (السجاد) إن المنتجات المقلدة من آسيا تشكل تهديدا لهذه الصناعة.
وأضاف “ما زالت هناك زربية مغربية عليها طلب كبير وهي زربية قبائل بني وراين. يعني أن هناك طلب خارجي إلا أن إشكاليتها تكمن في تسويقها. اليوم، الكل ينتج الزربية الوراينية. بدأنا نجد تقليدا لها من طرف عدد من المنتجين للزربية الميكانيكية ومنتجي الزربية اليدوية من آسيا. أصبحوا يقلدون هذه الزربية ويبيعونها باسم الزربية الوراينية”.
وبالرغم من التحديات، لا يزال قطاع النسيج أحد أركان الصناعة المغربية.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن هذا القطاع يوظف أكثر من 170 ألف عامل، أو ربع العمالة الصناعية. وبلغت مبيعاتها في عام 2016 نحو 34.2 مليار دينار أي 22٪ من الصادرات الصناعية.
كما أن القطاع هو رابع أكبر قطاع لتشغيل العمالة.
وهناك بالفعل علامات الانتعاش. فقد ارتفعت صادرات المنسوجات بنسبة 9 في المائة في عام 2015.
وقالت زيتا ايستهام، المسؤولة عن مراقبة الجودة في شركة سومتكس “أعتقد أن هذا القطاع سيسترجع عافيته لأن رقم معاملاته كان دائما كبيرا ونفس الأمر كذلك بجودته. المغرب يشكل فرصة كبيرة لهذا القطاع مما أنه يصدر بكثرة إلى المملكة المتحدة. أعتقد أننا نمر من مرحلة صعبة، لكن هذا القطاع سيسترجع عافيته”.
وتتوقع وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مزيدا من النمو هذا العام.
وقد أطلقت الحكومة خطة مدتها عشر سنوات في عام 2015 لتوفير 100 ألف وظيفة دائمة جديدة ومضاعفة عائدات التصدير إلى ثلاثة أمثال ما هي عليه الآن إلى ما يعادل حوالي 9 مليارات دولار.
ويقول المسؤولون إن الخطة تؤتي ثمارها، حيث تم بالفعل خلق 44 ألف فرصة عمل. وقال يوسف البريء المكلف بالأمانة الدائمة لوزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي “لتحقيق هدف توفير مئة ألف منصب شغل الذي كان يبدو طموحا في البداية، وقعنا على اتفاقيات لاستثمار ثلاثة مليار ونصف المليار من الدراهم وهذا سيخلق أربعة وأربعين ألف منصب شغل. في العام ٢٠١٥. كان هدفنا هو خلق مئة ألف منصب شغل بحلول ٢٠٢٠. وبعد سنتين ونصف فقط، توصلنا إلى توفير ٤٤ ألف وظيفة بفضل الاستثمارات ونحن متأكدون أننا سنكون منافسين في السوق العالمي وأننا سنحتفظ بهذه التنافسية على المدى الطويل”.