جغرافيا
الجزائر: الحملة الانتخابية تدخل المنعطف الأخير وسط استمرار عدم اهتمام المواطنين!
تدخل بداية من يوم غد الأحد حملة الانتخابات المحلية في الجزائر أسبوعها الأخير، فيما ينتظر أن تجرى الانتخابات الخميس المقبل، ما يجعل الأسبوع الأخير فرصة أخيرة لمحاولة إقناع المواطنين بالمشاركة في هذه الانتخابات، خاصة وأن لا السلطة ولا الأحزاب قادرة، في ضوء الأزمة الاقتصادية والمالية، أن تقدم الوعود الانتخابية التي يدرك قائلها قبل سامعها أنها غير قابلة للتحقيق.
ثلاثة أسابيع مرت حتى الآن من حملة الانتخابات المحلية، وهي حملة كانت تشبه كل شيء إلا حملة لانتخابات المجالس الشعبية المحلية، خاصة على مستوى الأحزاب، التي استغلت الفرصة لأشياء أخرى، إما لإبداء مزيد من الولاء بالنسبة إلى السلطة، أو تصفية الحسابات معها، أو التناحر بين أحزاب الموالاة تحسبا لمعارك ومواعيد مقبلة، وإعطاء صورة عن وجود تنافس وتسابق بين الدائرين في فلك السلطة.
يمكن القول من دون مبالغة إن هذه الحملة الخاصة بانتخابات تجديد المجالس المحلية كانت معركة تمهيدية بالنسبة للانتخابات الرئاسية المقبلة، فحتى وإن كانت هذه الأخيرة ستجرى في 2019، إلا أن كل شيء تقريبا سيجري ويفصل فيه خلال سنة 2018، التي لم يعد يفصلنا عنها إلا بضعة أسابيع.
موضوع انتخابات الرئاسة كان حاضرا في خطابات أحزاب الموالاة أكثر من غيرها، وفي مقدمها حزب جبهة التحرير الوطني، الذي راح يدعو صراحة وليست لأول مرة من أجل ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، في وقت حاول فيه غريمه حزب التجمع الوطني الديمقراطي الترويج لزعيمه رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى كمرشح محتمل، بأن أعلن أنه على استعداد لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي سبيل ذلك غير أويحيى من سياسته وقبل النزول على بلاتوهات عدة قنوات لإجراء مقابلات صحفية، لكن الحزب سرعان ما سارع ليقول على لسان ناطقه الرسمي شهاب صديق إنه في حالة ترشح بوتفليقة مجددا فإن لن يترشح ضده.
إذا كانت حملة الانتخابات المحلية قد أبانت عن شيء، فهو أن الولاية الخامسة خيار لا رجعة فيه، إلا إذا حدث أمر طارئ، فالنظام وأجهزته والدائرون في فلكه أغلقوا على أنفسهم ضمن خيار واحد وهو ولاية خامسة لبوتفليقة، رغم وضعه الصحي، ورغم أنه سيكون قد قضى 20 عاما في الحكم عندما يحل موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالنظام أغلق أي خيارات أخرى، لأن أي خيار مهما كان لا يمكن أن يحقق إجماعا ولو نسبيا، بل إن مخاطر الانقسام والفرقة أكبر من حظوظ الوصول إلى توافق، كما أن القوى العظمى لن يكون أمامها سوى دعم هذا الخيار، لأنه يضمن الحد الأدنى من الاستقرار في الجزائر وفي المنطقة أيضا، وبالتالي فإن السلطة ستعمل غالبا، رغم الوعود التي تطلقها، على إعادة رسم الخريطة نفسها على مستوى المجالس المحلية، عملا بمبدأ لا يجب تغيير فريق «رابح»، خاصة وأن معركة الانتخابات الرئاسية على الأبواب، والسلطة بحاجة إلى المنتخبين المحليين من أجل ضمان السير «الحسن» لهذه الانتخابات.
من جهة أخرى، فإن حملة الانتخابات المحلية لم تستقطب اهتمام المواطنين عموما، لعدة أسباب، أهمها اتساع الهوة بين الحاكم والمحكوم، فالمعارضة ترى أن الفساد الموجود جعل كل الانتخابات عرضة للتزوير، بما في ذلك انتخابات المجالس المحلية التي لا تحمل غالبا أي رهان، لكن المنظومة المسيرة والمتحكمة في الانتخابات تعودت على رسم خريطة يصعب تغييرها، كما أن المواطن أضحى مقتنعا أن المجالس المحلية حتى لو توفرت لها الإرادة لا يمكنها أن تغير كثيرا من واقعها، لأن المجالس البلدية المنتخبة فقدت الكثير من صلاحياتها لفائدة الدوائر أو الولايات، وهي هيئات معين أفرادها بقرار إداري، ويتبعون الجهاز التنفيذي، وليسوا مسؤولين أمام المواطن الذي لم ينتخبهم، فضلا عن الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت البلاد منذ قرابة ثلاث سنوات، بسبب انهيار أسعار النفط، الأمر الذي كان من بين تداعياته تقليص ميزانية البلديات، ومطالبة الوزير لها بالاعتماد على نفسها مستقبلا في تحصيل الجباية المحلية من أجل تمويل ميزانياتها.