سياسة وعلاقات دولية
“التوحيد والإصلاح” تمسك العصا من الوسط في قضية الحريات الفردية
عبر الحسين الموس، عضو حركة التوحيد والإصلاح، عن موقف “تقدمي” من مسألة الحريات الفردية، إذ قال، في معرض حديثه ضمن ندوة علمية في موضوع “جدل الحريات الفردية في المجتمعات الإسلامية”، نظمتها مساء أمس حركة التوحيد والإصلاح، إن من حق الإنسان “أن يتصرف في أموره الفردية الخاصة وفق قناعاته وبدون إكراه من أحد”.
ودعا الموس، صاحب كتاب “الحريات الفردية تأصيلا وتطبيقا”، الصادر عن مركز “المقاصد للدراسات والبحوث”، التابع لحركة التوحيد والإصلاح، إلى مناقشة مسألة الحريات الفردية “بتجرد وبعقلية علمية للخروج بكلمة سواء نسهم بها في رقي أوطاننا”، مبرزا أن كتابه هو محاولة للبحث في موقف الشريعة الإسلامية من مسألة الحريات الفردية، وكيف تم تطبيقها في تاريخ المسلمين.
في هذا الإطار، أوضح الموس أن مسألة الحريات الفردية مؤصلة في أصول الفقه وفي المقاصد الكبرى للدين الإسلامي، ذلك أن النص القرآني، يردف المتحدث، “أكد على أن الإنسان أعطاه الله مسؤولية الاختيار بين الإيمان أو الكفر، بين الاستقامة أو الاعوجاج، كما أن القرآن أكد أنه لا سلطان لنبي ولا لمقرب في مسألة الهداية والضلال، ضاربا المثل بامرأة نوح وابنه اللذين كفرا”.
واعتبر الموس أن الإسلام كفل حرية العقيدة للإنسان استنادا إلى الآية القرآنية “لا إكراه في الدين”. وزاد موضحا أن “الإنسان حر في قضية الإيمان والكفر، والاستقامة والاعوجاج، فهي كلها أمور متعلقة بقناعات الفرد، والشريعة الإسلامية أكدت على أن من حق الفرد أن يتصرف وفق ما هو مقتنع به، أما الإكراه فلا ينشئ تدينا ولا استقامة ولا صلاحا، بل ينشئ نفاقا”.
وردا على الأسئلة المتعلقة بوجود نصوص شرعية متعارضة مع مبدأ الحريات الفردية، من قبيل حديث “مَن بدّل دينه فاقتلوه”، أوضح الموس أن المقصود في هذا الحديث هو الشخص المفارق للجماعة وليس المرتد عن الدين.
وأبدى الموس معارضته لما سمّاه “محاولات البحث والتجسس في الحياة الخاصة للناس”، مبرزا أن الشريعة الإسلامية تحمي الاختيارات الخاصة للفرد، وأن العقوبات التي أقرها الإسلام، وشدد في مسألة تطبيقها، كما هو الحال بالنسبة إلى الزنا، حيث يُشترط أن يُثبت بأربعة شهود أو باعتراف الفاعل، إنما هي وسيلة للحفاظ على مقومات المجتمع.
وزاد موضحا أن “الشريعة الإسلامية لما قيدت الحرية الجنسية، فإن الغاية من هذا التقييد هو حماية الأسرة وحفظ المجتمع، لأننا إذا فتحنا الباب للعلاقات الجنسية الرضائية سندمر الأسرة، ولهذا علينا أن ننظر إلى مسألة الحرية الفردية من كلا الجانبين، وليس كونها فقط شهوة يجب تحريرها”.
وفيما يشتد الجدل في المغرب، في الوقت الراهن، بين التيار المحافظ والتيار الحداثي حول مسألة الحريات الفردية، يرى الموس أن “الخلاف في المغرب حول هذه المسألة ليس خلافا أبديا”. وأضاف “هناك تقاطع وإمكانية الالتقاء، فالشريعة مع حرية الفرد، ولكن علينا أن نتنادى إلى تمكين الفرد من الحرية، وفي الآن نفسه من تربية حسنة، لحماية نفسه ولحماية المجتمع، وله، آنذاك، أن يختار ما يشاء، أما تدمير المجتمع فإن في ذلك إبعاده عن ثوابته وقيمه”.
من جهته، قال محمد عوام، عضو الهيئة العلمية لمركز “المقاصد للدراسات والبحوث”، التابع لحركة التوحيد والإصلاح، إن الدين الإسلامي كرس الحريات الفردية، مستدلا بالآية القرآنية “لا إكراه في الدين”، المتعلقة بالعقيدة، لكنّه عبر عن موقف رافض لجعل الحريات الفردية مطلقة.
وأوضح عوام أن “الخلاف الجوهري في قضية الحريات الفردية هو خلاف مرجعي بين مَن يعتمد المرجعية الإسلامية، وبين من يتخذ العلمانية منهجا وفكرا ومرجعا منه يستمد ويمْتح”، مبرزا أن الشريعة “جاءت لتحقيق المصالح في العاجل والآجل، وحين الحديث عن المصالح، فإننا نستحضر دفع المضار والمفاسد على المستوى الفردي والجماعي”.
واعتبر المتحدث ذاته أن مقصد الشريعة واضح، وهو “مخالفة الهوى”، معبّرا عن رفضه لأن “يصير الإنسان حيوانا يلتهم كل شيء”. وزاد قائلا: “نحن مع الحريات الفردية التي لها ضوابط تحافظ على كرامة الإنسان، أما البهيمية والجنسانية وإطلاق العنان لجميع الشهوات، فهذا لا يقبله عقل ولا عُرف جماعي عالمي، وليس لدى المسلمين وحدهم”.
(هسبريس)