الإقتصاد
العثماني يرفع وتيرة الاقتراض الخارجي في 2020
رغم التحذيرات والتنبيهات من طرف عدد من المؤسسات والأحزاب، تعتزم حكومة سعد الدين العثماني رفع نسبة الاقتراض برسم سنة 2020 بحوالي 14 في المائة، لتُحصل مزيداً من الموارد لتغطية النفقات.
وتكشف مُعطيات مشروع قانون مالية 2020، الذي صادقت عليه الحكومة الأسبوع الماضي، أن موارد القروض المتوسطة والطويلة الأجل ستصل إلى 97 مليارا و200 مليون درهم سنة 2020، مقابل 76 مليار درهم السنة الجارية؛ وهو ما يمثل زيادةً قدرها 27 في المائة.
وسيتأتى للحكومة هذا المبلغ من الاقتراض الخارجي والداخلي، فداخلياً ستستدين حوالي 66 مليار درهم سنة 2020، مقابل 49 مليار درهم السنة الجارية ما يمثل زيادة بـ34 في المائة، أما الاقتراض الخارجي فسيُدر على الحكومة 31 مليار درهم سنة 2020، مقابل 27 مليار درهم السنة الجارية، بارتفاع يناهز 14.81 في المائة.
وسيؤدي المغرب لقاء الديون، خلال السنة المقبلة، فوائد تصل إلى 29 مليار درهم؛ منها 4.7 مليارات درهم للدين الخارجي، أي بزيادة قدرها 22.7 في المائة مقارنة بسنة 2019، أما فوائد الدين الداخلي فتناهز 24 مليار درهم، دون الحديث عن أقساط الديون.
وتمنح المؤسسات الدولية قروضاً للمغرب بفوائد مستقرة أو متغيرة ووفق شروط يجب التقيد بها؛ من بينها ضبط كتلة أجور الموظفين العموميين، والعمل على خفض النفقات، وعلى المستوى الداخلي تلجأ الدولة أساساً إلى صناديق التقاعد الأساسية.
وتضطر الحكومة إلى هذا الاقتراض لتغطية تحملات الدولة التي يرتقب أن تصل سنة 2020 حوالي 488 مليار درهم؛ منها 320 مليار درهم للميزانية، و2.2 مليار لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، و90 مليار درهم للحسابات الخصوصية، و67 مليار درهم لأداء الديون.
أمام هذه التحملات، لا تتجاوز الموارد العادية للدولة المتوقعة برسم سنة 2020 رقم 248 مليار درهم، وهي متأتية من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم الجمركية ورسوم التسجيل والتمبر وعائدات أملاك الدولة، وحصيلة مؤسسات الاحتكار والمساهمات، وموارد الهبات وحصيلة الخوصصة.
لكن اللجوء المفرط إلى الاستدانة يشكل خطورة بالنسبة إلى الدولة، خصوصاً إذا بلغت نسبة مرتفعةً بالنسبة إلى الناتج الداخلي الخام، وهذا يجعل ميزانية الدولة مرهونة لسنوات لأداء الديون وفوائدها وبالتالي تقلص هوامش التحرك.
ويعني هذا الوضع ضُعف مؤشر الاكتفاء الذاتي الجبائي للمغرب، والذي تراجع من 85 في المائة سنة 1990 إلى حوالي 64 في المائة سنة 2019؛ وهو يعني أن الموارد الجبائية لا تغطي نفقات الدولة، ولذلك تضطر للاستدانة.
وتقر الدولة بأن النظام الضريبي الحالي غير فعال، ويجمع عيوباً كثيرة؛ منها عدم الفعالية وعدم العدالة، وهو ما يجعل ميزانية الدولة تعيش عجزاً مقلقاً يضطرها بشكل مفرط إلى المديونية ما دامت الموارد العادية للدولة لا تكفي.
ويقر الجميع بأن الوعاء الضريبي ضيق ومُركز على فئات دون أخرى، ولذلك تتجه الحكومة إلى اعتماد قانون إطار لإصلاح النظام الضريبي، أبرز ما سيتضمنه هو التقليص من الإعفاءات والتحفيزات الضريبية وضبط المتهربين من أداء واجباتهم.
سيكون التحدي كبيراً أمام الحكومة الحالية لإرساء هذا الإصلاح الضريبي لرفع إيرادات الدولة وتخفيف الضغط الضريبي، كما ستواجه ضغوطاً من كبار المستفيدين من النظام الجبائي الحالي، إذ لا يُستبعد أن يلجؤوا إلى الضغط ضد أي مقتضيات تهدد مصالحهم.
على الدولة أن ترفع الرهان عالياً لاعتماد نظام ضريبي عادل وناجع لتقليص اللامساواة أمام الواجبات الجبائية، وتنجح في رفع إيراداتها لتحسن من مؤشر الاكتفاء الذاتي وبالتالي تخليص المغرب من مقصلة المديونية التي ترهن مستقبل الأجيال المقبلة.
(المنارة)