سياسة وعلاقات دولية

انسحاب “مجلس بوعياش” من الوساطة يُعقد ملف “معتقلي الريف”

يبدو أنّ ملف “حراك الرّيف” مقبلٌ على مرحلةٍ جديدةٍ من التّعاطي الرّسمي مع تداعياتهِ وما يعرفهُ من “سوء فهمٍ” نتيجةَ تفاعلِ السّلطات المغربية مع مطالبِ مُعتقلي الحراكِ وعائلاتهم؛ فقد أكّدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، أنّ مجلسها “لن يقومَ بالوَساطة في ملف احتجاجات الحسيمة”.

وهي تتحدث عن إمكانية بلورة مبادرة وساطة لحل ملف معتقلي حراك الريف استنادًا إلى المادة 10 من القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت بوعياش إنّ “المجلس لا يتدخّل في الملف كوسيط؛ لأنّ مبادرة الوساطة تكون بين طرفين والمجلس ليس طرفا في القضية”.

وتنصُّ المادة العاشرة من القانون المنظّم للمجلس الوطني لحقوق الانسان على أنّه يمكن للأخير أن “يتدخّل بكيفية عاجلة كلما تعلّق الأمر بحالة من حالات التوتر قد تفضي إلى وقوع انتهاك حق من حقوق الإنسان، بصفة فردية أو جماعية؛ وذلك ببذل مساعي الوساطة والصّلح بتنسيق مع السّلطات العمومية المعنية”.

وتأتي تصريحات بوعياش، التي مرّ على تنصيبها على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة كاملة، في وقت وصل فيه ملف المعتقلين إلى الباب المسدود، مع فشل مبادرات الوساطة في تحقيق مطالب “الزفزافي ورفاقه”. وأكّدت بوعياش أن “مهمة المجلس تقتصر على كونه آلية لفهم الأشياء ودعم المعتقلين واقتراح حلول على السلطات”.

ضيفة “حديث مع الصحافة” شدّدت على أنّ “المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مباشرة بعد ادعاء بعض معتقلي أحداث الحسيمة تعرضهم للتعذيب، قام بزيارة سجني تولال وتاونات، حيث استنتج بعد الاستقصاء أن الادعاءات غير صحيحة، لأنَّ شروط التعذيب لا تنطبق عليها”.

وسبق لبوعياش أن أكدت خلال حلولها في برنامج “شباب فوكس”، التي تبثه قناة “ميدي 1″، أن المجلس يقوم بدور الوساطة “ويجب مساعدتي لتحقيق الانفراج”، على حدّ تعبيرها، وهو ما يجعل تصريحها الجديد بأن المجلس لن يقوم بالوساطة في ملف الريف، يتناقض تماما مع ما سبق وأن صرحت به.

معايير باريس

عزيز إدامين، خبير دولي في حقوق الإنسان، تساءل عن خلفيات خرجة بوعياش وما إذا مرتبطة بفشل وساطة لم تستطع رئيسة المجلس التصريح بها أم إنّ “تصريحها هو رد فعل ضد الوقفة التي نظمتها عائلات المعتقلين والتي طالبت فيها المجلس بأن يفرج عن تقرير ادعاءات التعذيب وتقارير الخبرة الطبية”.

وقال إدامين إنّ “التبرير الذي أعطته رئيسة المجلس لعدم الوساطة بكونها ليست طرفا، هو تبرير واهٍ، بل بالعكس من يقوم بالوساطة هم الأطراف المحايدة، كما أن تصريحها هو ضربٌ بعرض الحائط للقانون المنظم للمجلس”.

وأضاف أن تصريحات بوعياش متناقضة مع معايير باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية، لكون الوساطة في حالات التوتر أو احتمال وقوع انتهاكات ليس اختيارية أو “بريستيج”، بل هي “ضرورة ملزمة للمجلس أن يقوم بها”.

واجب التحفظ

وفي السّياق نفسه، قال خالد البكاري، حقوقي فاعل سياسي، إنّ “تصريح بوعياش بكون المجلس ليس من مهامه الوساطة متناقضٌ مع تصريحات سابقة لها تتحدث فيها عن عزمها القيام بهذا الدور، كما تتناقض مع ما قام به الكاتب العام السابق للمجلس، محمد الصبار، حين انتقل إلى الحسيمة من أجل هذا الغرض”.

وأضاف البكاري أنّ “تصريح بوعياش بشأنِ الوساطة قد يكون بدافع واجب التحفظ فقط، وبالتالي فإمكانية مساهمتها في أي وساطة مستقبلية تبقى واردة؛ إذ لا شيء يمنع هذا الأمر، لا سياسيا ولا قانونيا”، مبرزا أنّها “ملزمة بالإفراج عن التقرير لأنها تأخرت كثيرا، بحيثُ كان لها مبرر هو التغييرات التي طرأت على تركيبة المجلس بعد تعيينها، ولكن اليوم لم يعد لها عذر”.

واعتبر الحقوقي ذاته أنّ “هذا ملف سياسي ذو طبيعة خاصة”، لافتا إلى أن “وساطة أيّ مؤسسة أو شخصيات أو أحزاب لن تؤتي أكلها بدون ضوء أخضر من جهات عليا”.

(هسبريس)
إغلاق