كشف التنافس بين الأطراف المعنية بملف ممتلكات رجل الأعمال سعيد بنشرقي ومصنع الصباغة “بروديك” وفيلا عين الذياب بالدار البيضاء عن معطيات مثيرة تتعلق بعقود كراء الفيلا وعقد تفويت 64 سهما يحمل تاريخ 21 دجنبر 2016، ثم عقد ثالت يتضمن تفويت ما يزيد عن 116 ألف سهم (وهو العقد الذي لا يحمل أي تاريخ أثناء تحريره باستثناء تاريخ التصديق على التوقيع)، ومحضر جمع عام شركة “بروديك” يتضمن الموافقة على التفويتات.
كل هذه العقود والمحاضر تم تصحيح إمضائها بنفس المراجع والتاريخ، ولم ترد تفاصيل محتوياتها أو حتى الإشارة إلى طبيعتها بسجل إثبات الإمضاء الخاص بجماعة الفنيدق؛ لكنه تضمن كلمة واحدة في الخانة الخاصة بطبيعة وموضوع الوثيقة المشهود على صحة إمضائها، هي “التزام”.
بداية المشاكل
احتدم الصراع بين أسرة بنشرقي، مالكة أقدم مصنع للصباغة في المغرب الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1953، ورجل الأعمال أحمد الطرنباطي في ردهات المحاكم ودهاليز الأمن، في محاولة كل طرف منهما حسم حقيقة المالك الحقيقي لأرض المصنع وعقاراته الخمسة الأخرى التي تزيد قيمتها عن 20 مليار سنتيم.
الصراع امتد أيضا إلى فيلا تقع بحي عين الذياب الراقي وسط مدينة الدار البيضاء، التي تحولت ملكيتها إلى أحمد الطرنباطي بعد صراع مرير مع سعيد بنشرقي، الذي حاول استرجاعها بدون فائدة إلى حد الآن.
الصراع بين الرجلين (بنشرقي والطرنباطي) بدأ في النصف الثاني من سنة 2017، بعد أن اكتشفت أسرة بنشرقي، ومعها ابنها سعيد، أنها فقدت أسهم الشركة بعقود تقول إنها لم توقع عليها؛ في حين يتمسك أحمد الطرنباطي بأنها عقود صحيحة ومصححة الإمضاء في منطقة الفنيدق.
كما اكتشف بنشرقي أن أحمد الطرنباطي قد شرع في استغلال فيلا عين الذياب التي تزيد قيمتها عن 4 ملايير سنتيم بعقد كراء مصحح الإمضاء بنفس المراجع (19474 المرجع الخاص بسعيد بنشرقي و19475 المرجع الخاص بأحمد الطرنباطي) والتاريخ (23 دجنبر 2016).
صراع أمام المحاكم
انتقل صراع الرجلين إلى المحاكم بشكل أكثر حدة، حيث تمكن سعيد بنشرقي (الذي كان يقيم حينها في إسبانيا قبل أن ينتقل إلى البرازيل ثم فرنسا)، بعد أن اكتشف أن الفيلا أصبحت مكتراة من طرف أحمد الطرنباطي بقيمة 20 ألف درهم شهريا، عبر محاميه في الدار البيضاء، (تمكن) من استصدار حكم بإفراغ الطرنباطي منها.
وفي الوقت الذي ظل الصراع يراوح مكانه منذ سنة 2017، وجد بنشرقي نفسه محاطا بمجموعة من المشاكل المالية والنفسية التي لا تنتهي، والتي ابتدأت منذ سنة 2015؛ حيث بدأ تراكم الديون يثقل كاهل شركة “بروديك”، ليظهر أحمد الطرنباطي في حياة بنشرقي عن طريق صديقهما المشترك رجل الأعمال كريم بوزبع، الذي قدم ابن القصر الكبير (الطرنباطي) لبنشرقي، من أجل مساعدته على تجاوز الأزمة المالية الخانقة التي تمر منها “بروديك” (PRODEC)، مباشرة بعدها برزت مشاكل الشيكات بدون رصيد.
نشأت علاقة مصلحة وصداقة بين الجانبين، تقوم على تقديم يد المساعدة لبنشرقي من شخص له علاقات قوية و”حنكة” في التعامل مع المشاكل المالية والقانونية، ليطلب الطرنباطي من بنشرقي أن يفوت له 64 سهما من أسهم شركة “بروديك” لتتوفر لديه الصفة من أجل الشروع في حل مشاكل الشركة.
وجهة نظر بنشرقي
يقول سعيد بنشرقي: “لم يدر في خلدي أنه عندما سأقوم بالتوقيع على عقد تفويت 64 سهما من أسهم بروديك لفائدة الطرنباطي، فإن ذلك سيكون بمثابة السكين التي ستستخدم في الاستيلاء على شركتي وعقاراتها وتجهيزاتها، حيث ستظهر فيما بعد وثائق (شبحية) لتفويت كافة أسهم شركة بروديك، حاملة لنفس الأرقام الترتيبية الخاصة بعقود الكراء التي لم أوقع عليها بالمرة ومحضر اجتماع المجلس الإداري للشركة الذي لم ينعقد أصلا، وبنفس التاريخ، وهذا أمر غريب يكاد يفقدني عقلي”.
ويضيف رجل الأعمال بنشرقي: “كنت أعاني من مشاكل مالية ونفسية، لألتقي بهذا الشخص الذي أقنعني بأنه سيخرجني من مشاكلي في ظرف وجيز، فوتت له 64 سهما من أسهم الشركة، بعدها نقلني من المغرب صوب إسبانيا بطريقة غير قانونية، وهناك ألقى الأمن الإسباني القبض عليّ بسبب حيازتي لأدوية مهدئة قوية، كنت أتناولها لأخفف من الضغوط النفسية القاهرة التي كنت أمر منها، قبل أن يفرجوا عني بعد أن تأكدوا من أن حيازتي لهذه الأقراص هي من أجل الاستعمال الشخصي”.
واستطرد المتحدث: “انتقلت إلى البرازيل، وهناك تم اختطافي من طرف عصابة لا أعلم كيف وصلوا إلى أنني رجل أعمال، قبل أن أهرب من قبضتهم لأعود إلى فرنسا. وطوال هذه الفترة، بدأت أستوعب حقيقة الأمر، فتهريبي للخارج كان بهدف واحد لا غير، وهو الاستيلاء على شركتي وعقاراتها والعقارات التي توجد في اسمي. تصوروا أنه في الوقت الذي كنت أرقد في مستشفى بإسبانيا من 4 إلى 24 يناير 2017، تم تحرير محضر يتضمن بيانات تشير إلى أنني قدمت استقالتي يوم 9 يناير 2017، حيث إنني أتوفر على الوثائق التي تؤكد كلامي بكوني كنت راقدا بالمشفى”.
وجهة نظر الطرنباطي
من جهته، تشبث صديق أحمد الطرنباطي، الذي انتدبه هذا الأخير للحديث مع هسبريس، بقانونية كافة الوثائق الخاصة بعقود التفويت الخاصة بأسهم شركة “بروديك” وكراء الفيلا، مؤكدا أن الإمضاء تم تصحيحه في جماعة الفنيدق، ولا مجال للإنكار من طرف سعيد بنشرقي.
وأضاف صديق الطرنباطي، بعد أن تعذر على هذا الأخير الحضور بسبب وعكة صحية طارئة، أن “المشكل الأساسي والرئيسي يدور حول رغبة بنشرقي استعادة الفيلا لا أقل ولا أكثر”.
وعاد بنشرقي ليؤكد أنه لا يريد استعادة الفيلا فقط بل يريد استعادة الشركة أيضا؛ لأنه تعرض لعملية نصب محكمة، مستدلا بأنه لم يوقع أي تفويت كلي للشركة، بل إن الأمر يتعلق بـ64 سهما لا أقل ولا أكثر، وهو ما ينفيه الطرف الآخر.
وقال بنشرقي: “الطرنباطي أدلى بوثائق تفويت أسهم الشركة وعقود الكراء الخاصة بالفيلا ومحاضر جمع عام مجلس إدارة الشركة، لكن أعتقد أن التحقيقات الأمنية هي التي ستكشف كيف يمكن لشخص أن يحصل على مصادقة التوقيع لمعاملات مختلفة بمراجع متطابقة ومن دون الإشارة إلى مضمونها بسجل إثبات الإمضاء الخاص بجماعة الفنيدق، التي اختفى رئيسها السابق لقسم المصادقة على التوقيعات عن الأنظار منذ أيام، مباشرة بعد شروع عناصر الفرقة الوطنية في التحقيق في ملف تفويت شركة بروديك، التي كانت تمتلكها عائلة بنشرقي”.
المصدر: هسبريس