سلّطت فعاليات دولية الضوء على المتغيرات الإستراتيجية المتوقعة في المشهد الاستثماري بالعالم خلال السنوات المقبلة، خلال ندوة نظمتها مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، بمعية مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بشأن تأثير جائحة “كورونا” على آفاق الاستثمار العالمي، مُجمعة على أهمية تبني سياسات وإستراتيجيات لإحياء الاستثمار والتجارة في الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي، قصد النهوض بأنشطة ترويج الاستثمار.
وفي هذا الإطار، أوضح أسامة عبد الرحمن القيسي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات(ICIEC)، التابع للبنك الإسلامي للتنمية، أن “تداعيات جائحة كوفيد-19 شملت الجميع دون استثناء، من دول وحكومات وشركات وأفراد، بالنظر إلى الانعكاسات الكبيرة للأزمة الصحية على الاقتصاديات الوطنية”.
وشدد القيسي على أن “الطارئ الصحي العالمي تسبّب في تزايد المخاطر الاقتصادية المتعلقة بالحركة التجارية والاستثمارية، بفعل سرعة الانتشار الكبيرة للفيروس التي أدت إلى نهج سياسة الإغلاق الشامل”، مبرزاً أن “التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر ستتعرض لضغوط شديدة طيلة عام 2020، بفعل الانعكاسات السلبية للجائحة”.
ولفت المتحدث عينه الانتباه إلى أن “الطارئ الصحي أثّر على الدينامية الصناعية في العالم؛ ما أدى بدوره إلى تضرّر البلدان النامية والبلدان الأقل نموا، لأنها تعتمد بشكل كبير على الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر”، مؤكداً أن “مجموعة البنك الإسلامي للتنمية اتخذت حزمة من المبادرات النوعية الرامية إلى الحفاظ على تدفقات الحركة الاستثمارية والتجارية”.
وتابع شارحاً: “مبادرات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تسعى إلى تخفيف الضرر الاقتصادي الناجم عن الأزمة الصحية العالمية على الدول الأعضاء، من خلال العمل على تحفيز الاستثمارات الخاصة، وتعزيز التعاون جنوب-جنوب”، معتبرا أن “المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تلعب دوراً محوريا في تحقيق التعافي على المدى الطويل، من خلال تدعيم الطلب المتزايد من طرف الدول الأعضاء على حلول التأمين والائتمان”.
من جانبه، تطرّق أمادو ديالو، المدير العام بالإنابة لإدارة الممارسات العالمية بالبنك الإسلامي للتنمية، إلى انعكاسات “أزمة كورونا” على الاقتصاد الدولي، مورداً أن “الجائحة أدت إلى تعطيل عجلة الإنتاج في مجموعة من الفواعل العالمية؛ ومن ثمة انخفض معدل الاستثمار الأجنبي المباشر”.
ويرى ديالو أن “تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية كشف عن تراجع معدل الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة 49 في المائة في النصف الأول من سنة 2020″، مشيرا، أيضا، إلى أنه “في ظل الانكماش الاقتصادي الكائن راهناً، قامت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بتوفير برامج عديدة تهدف إلى تحفيز الاستثمار في الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي”.
واستطرد بالقول: “قدمت مجموعة البنك برامج المساعدة الفنية الخاصة بالبنك الإسلامي للتنمية، ويأتي على رأسها كل من برنامج التعاون والتكامل الإقليمي (RCI) وبرنامج تشجيع الاستثمار للدول الأعضاء (ITAP)، قصد مساعدتها على إعداد إستراتيجيات ناجعة تخص الشأن الاستثماري والتجاري، بغية مواجهة تداعيات جائحة “كورونا” الممتدة في الزمن”.
أما جيمس زان، مدير قسم الاستثمار والمشاريع بمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فأبرز أن “الجائحة العالمية كان لها الأثر الكبير على الاستثمار الدولي، حيث لن يقتصر التأثير على مدة سيران فيروس كورونا المستجد، وإنما سيمتد كذلك إلى فترة ما بعد كورونا”.
وأشار زان، الذي تمحورت مداخلته حول الخطوط العريضة المتضمنة في تقرير الاستثمار العالمي لعام 2020 المعنون بـ”الإنتاج الدولي بعد الجائحة”، إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية من المتوقع أن تنخفض بنسبة تصل إلى 40 في المائة عام 2020.
“يتجلى التأثير الفوري للجائحة في تعطيل سلاسل التوريد العالمية، وكذا ما يتصل بالركود الاقتصادي الدولي، في حين يتجسد التأثير الطويل الأمد للجائحة في الضغط الذي سيُلقى على كاهل الفواعل الوطنية والدولية لزيادة القدرة الإنتاجية مستقبلا”، حسبَ الخبير عينه.
جدير بالذكر أن الندوة قد حضرها، عبر الإنترنيت، أكثر من 500 مشارك من المسؤولين الحكوميين والرؤساء والمديرين التنفيذيين لشركات القطاع الخاص المحلية والدولية والمؤسسات المالية الدولية والمستثمرين الأفراد ورجال الأعمال وغرف التجارة والصناعة ووكالات تشجيع الاستثمار. وحظي الملتقى بتغطية إعلامية واسعة محلية وإقليمية ودولية.
المصدر: هسبريس