أخبار

مسؤول سابق في “البوليساريو” يكشف خلفيات الهجوم الإرهابي على السمارة

تفاعل مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المسؤول الأمني السابق في جبهة “البوليساريو”، مع الهجوم الإرهابي الأخير الذي استهدف أحياء سكنية بمدينة السمارة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، بالقول إنه “لم يتغير شيء في معادلة نزاع الصحراء منذ أزمة الكركرات 2020، التي كانت نقطة البداية لارتفاع منسوب التوتر بين المغرب وجبهة البوليساريو بعد إعلان هذه الأخيرة التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة مع الأمم المتحدة عام 1991”.

 

وأضاف ولد سيدي مولود أن “أزمة الكركرات انتهت في 13 نونبر 2020 بتأمين المغرب للمنطقة ومد حزامه الدفاعي حتى الحدود مع موريتانيا، محققا بذلك انسيابية دائمة في حركة الأشخاص والبضائع عبر المعبر، وربط حدوده السيادية البرية مع إفريقيا لأول مرة منذ الحقبة الاستعمارية”، مسجلا أن “هذه الخطوة المغربية أفقدت البوليساريو ومن ورائها الجزائر الورقة الأهم، التي كانوا يأملون أن تفضي إلى محاصرة المغرب بأقل تكلفة بإبقائه معزولا جغرافيا عن إفريقيا، حيث لم يبق أمام الجبهة من سبيل لاستمرار حضورها في النزاع ولو بالحد الأدنى غير اللجوء إلى الخيار الأسوأ، وهو إعلان التنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار والعودة إلى الحرب”.

 

ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “عودة البوليساريو إلى الحرب كان خيار ضرورة، ولم تكن لا الجبهة ولا حليفتها الجزائر الغارقة في أزمة “الحراك” جاهزين وقتها لذلك”، موضحا أن “مجلس الأمن تفهم ردة فعل الطرفين، وصادق عمليا عليها بامتناعه عن إدانة أي من المغرب والبوليساريو”، مشددا في الوقت ذاته على أن “رد الفعل المغربي على اقتحام البوليساريو للمنطقة العازلة وغلقها الطريق التجاري الرابط بينه وموريتانيا حقق له مكسبا استراتيجيا بوصل حدوده مع العمق الإفريقي متبوئا بذلك موقعه الطبيعي كحلقة وصل بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها وغربها وشرقها؛ فيما لم تحقق الجبهة أي مكسب بسبب ارتجاليتها وافتقارها إلى العقل الاستراتيجي”.

وزاد شارحا: “فعلى الرغم من مضي ثلاث سنوات، فإنها لم تحقق أي مكسب، ولم تظهر لها رؤية واضحة في إدارة الحرب يمكن أن تحقق لها أهدافها المعلنة ولم تكيف منظومتها مع حالة الحرب، رغم أنه كان لديها الوقت الكافي لكل المراجعات المطلوبة التي يستلزمها وضعها الجديد، خاصة أنه قد أُقر لها بحربها أمميا في تقارير للأمين العام للأمم المتحدة الثلاثة الأخيرة وحتى قرارات مجلس الأمن التي تطالب بالعودة إلى الالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار دون إدانة أو تحديد للمسؤول عن الخرق، وهو إقرار آخر بوجود حرب مسكوت عنها دوليا ما دامت منخفضة الحدة كما يرد في تقارير الأمين العام الأممي”.

 

وسجل المسؤول الأمني السابق في الجبهة أن “خرق الطرفين لاتفاقية 1991 في أزمة الكركرات جعل الحرب التي أعلنت جبهة البوليساريو من طرف واحد معترف بها دوليا ومسكوت عنها في الآن ذاته؛ ما فرض على المغرب أن يتعامل معها بحكمة ورباطة جأش، وأن يجتهد في امتصاص تهديدات الجبهة لقواعده العسكرية في الحزام باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لتجنيب جنوده أكبر قدر من الضرر، في انتظار متغير ميداني أو سياسي يخل بالتوازن الحاصل منذ 13 نونبر 2020”.

 

وأوضح أن “صوت انفجارات السمارة الأربعة كان مسموعا على خلاف آلاف القنابل التي لم نكن نسمع لها صوتا خارج بلاغات الجبهة وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة؛ لكن نتيجتها ستكون عكسية للمقصد من ورائها، على اعتبار أنها كسرت تعادل (خرق مقابل خرق) الذي حصل يوم 13 نونبر 2020، وستكون بعد انتهاء التحقيقيات الجارية في المغرب أساسا لبداية جديدة للعد في نزال نزاع الصحراء المستمر منذ عقود”، مضيفا أن “الدليل على ذلك أنه لا أحد أدخل هذا الحادث في سياق ردة فعل البوليساريو المتواصلة منذ 3 سنوات ردا على تمدد الحزام الدفاعي المغربي في منطقة الكركرات؛ بل إن الكل بما فيها البوليساريو نفسها تساءل كيف ستكون ردة فعل المغرب على ما حصل”.

 

“المغرب بدأ بتسويق حادثة السمارة أولا من داخل أروقة الأمم المتحدة بعد جلسة مجلس الأمن مباشرة، على اعتبار أنها جريمة وعمل إرهابي لا يمت بصلة إلى أعمال الحرب ويختلف كليا عن الـ(550) حادثة التي ورد ذكرها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير، وعن كل ما سبقها من حوادث ما بعد الكركرات؛ وهو ما يستوجب ردا منفصلا خارج السياقات الجارية”، سجل ولد سيدي مولود، الذي خلص إلى أن ذلك “يعني دخولنا إلى مرحلة جديدة من النزاع ستحدد معالمها ردة فعل المغرب المشروعة وقد اختار لها المسار الصحيح بالتعامل معها كحادث جنائي وليس حادثة حرب، وهذا يمنحه الوقت الكافي لاختيار توقيت وشكل الرد المناسب الذي يحقق له مكسب استراتيجي جديد أقله ضبط الجيران لحدودهم”.

المصدر: هسبريس المغربي

 

إغلاق