سياسة وعلاقات دولية
عودة سانشيز” تقوي العلاقات المغربية الإسبانية وتستنفر “محتضني البوليساريو”
يرى خبراء مغاربة ومتتبعون للعلاقات الدولية أن عودة بيدرو سانشيز إلى رئاسة الحكومة الإسبانية لولاية ثانية من شأنها أن تقوي العلاقات بين مدريد والرباط، رغم الحذر من تواجد الحزب الراديكالي ضمن تشكيلة هذه الحكومة.
تقوية مغربية الصحراء بإسبانيا
لحسن أقرطيط، الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، اعتبر أن تشكيل حكومة سياسية جديدة بقيادة بيدرو سانشيز “سيكون له تأثير قوي على العلاقات ما بين البلدين، انطلاقا من كون الحكومة السابقة التي قادها حققت أشواطا متقدمة من الرقي بهذه العلاقات، ونقلت الشراكة إلى المستوى الإستراتيجي الذي يتمثل في بناء علاقات اقتصادية وسياسية قوية تستوعب كل المتغيرات المرتبطة بالمنطقة”.
وبالنسبة للمحلل السياسي ذاته فإن “ما يبرر ذلك هو كون الاشتراكي سانشيز ينتمي إلى النخبة السياسية الجديدة في إسبانيا، التي فهمت أن موقع إسبانيا يتطلب إبرام شراكة قوية مع المملكة التي أصبحت في قلب السياسة الجغرافية الإقليمية والدولية، وراكمت قوة اقتصادية وسياسية وأمنية”.
ويضيف الباحث نفسه، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرئيس سانشيز من خلال خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها مع الملك محمد السادس في أبريل 2021 يريد الانتقال إلى مرحلة جديدة داخل إسبانيا، تتمثل في إخراج ملف الصحراء من الصراع السياسي الانتخابي الداخلي؛ ناهيك عن كون الطبقة السياسية أدركت أن مستقبل الاقتصاد يتمثل في تقوية العلاقة مع المملكة المغربية”.
وشدد المتحدث نفسه على أن “الرئيس الجديد سيلعب دورا كبيرا في إقناع مكونات التحالف الذي يقوده بأن موقف إسبانيا القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء فيه مصلحة حيوية للبلاد”.
لذلك، يرى الكاتب والباحث في العلاقات الدولية أن سانشيز “سيقوم بدفع الأحزاب إلى الابتعاد عن البوليساريو والنظام الجزائري، على اعتبار أن المكونات المتواجدة معه في الحكومة كانت حاضنة للطرح الانفصالي للجبهة”، مضيفا أنه “سيجعلها (الأحزاب الإسبانية) تنحو منحى الحزب الاشتراكي في ما يتعلق بالموقف من مغربية الصحراء”.
وأوضح الباحث نفسه أن “هذا الأمر سيتقوى داخل إسبانيا، وسيفتح مرحلة جديدة لدى الدول التي للعاصمة مدريد نفوذ عليها، خصوصا أمريكا اللاتينية، إذ سيدفعها إلى الاعتراف بمغربية الصحراء”، وفق تعبيره.
حذر من داعمي الانفصال
أمام هذا التفاؤل بكون عودة سانشيز للحكم في إسبانيا ستكون في صالح المملكة المغربية والموقف المغربي، خاصة أنه صديق وداعم للقضية الوطنية، يبرز موقف آخر يتسم بالحذر من تواجد أحزاب “حاضنة للطرح الانفصالي” وسط مكونات حكومة مدريد الجديدة.
ويدفع في هذا الاتجاه الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إذ شدد على أن “الخيوط تبدو مبهمة، ذلك أن تشكيلة سانشيز ستضم زعيمة الحزب اليساري الراديكالي ذات التأثير الواضح في مواقف الرئيس”.
وما يعزز هذه القراءة المتسمة بالحذر، وفق تصريحات بنطلحة لجريدة هسبريس الإلكترونية، “العودة المفاجئة لسفير الجزائر إلى إسبانيا”، مردفا: “يجعلنا هذا الأمر نراقب بحذر، ونتساءل عما إن كانت هناك علاقات في الكواليس تتزعمها زعيمة الحزب الراديكالي المعروفة بدعم أطروحة الانفصال وعسكر الجزائر”.
وإذا ما تم استثناء هذه المعطيات فإن المحلل السياسي ذاته يؤكد أن “سانشيز وعودته إلى قيادة الحكومة الإسبانية سيجعل الكفة مائلة نحو استمرار العلاقات المغربية الإسبانية”، وهو ما يستبعد معه أن يضحي سانشيز بعلاقاته مع المغرب، في ظل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية وكأس العالم المقبل ومشاريع ضخمة ستساهم فيها إسبانيا بالمغرب.