أخبار
“اليوم الدولي للجبال” يسائل رهانات المغرب في تقليص هشاشة سكان المرتفعات
يصادف تاريخ 11 دجنبر من كل سنة “اليوم الدولي للجبال”، الذي تحتفل به الأمم المتحدة كالتزام أممي لاستعادة النظم الإيكولوجية الجبلية؛ لكنه في المغرب يشكل فرصة دائمة للفعاليات المدنية المدافعة عن “الإرث الجبلي” لكي تذكر بالعديد من المطالب التي تعتبرها “أساسية في مسار التفكير في الجبال كجواهر طبيعية نفيسة يتعين الحفاظ عليها وتأهيلها” والاعتزاز بـ”مردُودها” بالنسبة لمن يسكنها.
وعلى الرغم من أهمية الجبل في تاريخ المغرب الحديث وأيضا المُعاصر، فإنه لا يزال يرسل أصواتا تعبر عن استنكارها “للوضع التنموي الهش الذي يطبع هذا المجال”، والذي تكون معاناته بارزة بشكل سنوي خلال فصل الشتاء مع التساقطات الثلجية التي تعزل الساكنة وتصعب على الراغبين في تقديم المساعدة الوصول إلى الكثير من النقط الجبلية بسبب وعورة الطريق ونتيجة تعثر الحركية التي تفرزها الثلوج بالطرق الجبلية.
محمد الديش، المنسق الوطني “للائتلاف المدني من أجل الجبل”، اعتبر أن “تعامل الجهات الرسمية مع الجبل بشكل عام كان موسميا، وكان يتم في نطاقات جغرافية محدودة، ولم تشمل كل النقط الجبلية المتوفرة لدينا”، مؤكدا أن “الفعاليات المدنية النشيطة في هذا المجال ذكرت بضرورة أن يكون هناك تأهيل قانوني للإرث الجبلي المغربي واستثماره في تأطير السياحة الجبلية والاستفادة من عوائدها التي تعتبر ذات أهمية بالنسبة للساكنة”.
وأشار الديش،إلى أن “اليوم الدولي للجبل هو فرصة لكي نستحضر ما قمنا به في المغرب، على اعتبار أن النهوض بوضع الجبل هو نهوض بالمصلحة الوطنية في بعدها البيئي وأيضا في شقيها الاقتصادي والاجتماعي”، معتبرا أن “الجبال لم تكن في حاجة إلى زلزال حتى تنال الاهتمام الرسمي، مثلما حدث في 8 شتنبر بقدر ما كان لا بد أن تكون تنمية الفضاءات الجبلية أولوية سياسية”.
وسجل المتحدث عينه أن “الجبال بالمغرب ما زالت تعيشُ تخلفا كبيرا وعجزا تنمويا فظيعا تبين خلال الزلزال بسبب العزلة ووعورة الطرق وهشاشة الوضع الاقتصادي للساكنة وغياب المرافق الحيوية وصعوبة الولوج إلى الكثير من الخدمات الأساسية”، مضيفا أن “الزلزال أخرج فقط هذه الحقائق إلى التداول الإعلامي والشعبي؛ لكنها أشياء كانت معروفة دائما لدى الفعاليات التي تنشط في حماية الجبل”.
وثمن الديش خطوة إحداث وكالة بناء وتنمية المناطق المتضررة من الزلزال (وكالة تنمية الأطلس الكبير)، لافتا إلى أن “هذه الوكالة من شأنها أن ترسم خطة تنموية مغايرة للمناطق الجبلية خاصة؛ وهذه الوكالة يتعين أن تقدم النموذج باستهداف دقيق وبسياسات ومشاريع مُلائمة لهذه المناطق تقطعُ مع التصورات التي كانت تُدار من الإدارات المركزية وبعيدا عن الميدان؛ بمعنى يجب أن تكون قريبة من تطلعات ساكنة الجبال، وأن تُراعي خصوصيتهم السوسيوثقافية”.
وأوضح المنسق الوطني “للائتلاف المدني من أجل الجبل” أنه “من الناحية الدولية هناك تقدم كبير في التوعية ورفع ملف تنمية المناطق الجبلية إلى مستويات عليا لدى متخذي القرار، خاصة السياسيين منهم؛ كما وقع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والمغاربة المقيمين في الخارج، والمنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المغرب، ناتالي فوستير، على إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة 2023-2027، وهذه خطوة إيجابية تستحق كل الدعم”.
وأبرز أن “المناطق الجبلية تعتبر خزانا ثقافيا ولغويا يحتاج إلى رفع الحصار ووقف التهميش والخصاص في الموارد، الذي كان سببا دائما في الهجرة لدى العديد من الأسر، على الرغم من وجود عائلات تتمسك بخيار الجبل كفضاء للعيش والسكن والاستمرار”، وسجل أن “الجبال في المغرب تغطي نحو 60 في المائة من الغطاء الغابوي، وأزيد من 50 في المائة في ما يخص احتياطات المغرب من الموارد المائية الحيوية؛ لكن كل هذه المؤهلات الطبيعية لا تنعكس على المسار التنموي للمغرب لكوننا لا نستفيد منها جيدا”.
وأكد الناشط المدني المدافع عن الجبل أن “هذه التوصيات المتكررة ليست احتجاجا بل نداء للالتفات لهذه المناطق من لدن صانعي السياسات على المستوى الوطني”، موضحا أن “الائتلاف يواصل حملته الميدانية لجمع التوقيعات على الملتمس التشريعي للنهوض بالتنمية الاقتصادية في العالم الجبلي، حيث ما زلنا نسعى إلى الوصول إلى جمع 20 ألف توقيع، رغم صعوبة هذا الرقم؛ لكننا نُواصل الاعتماد على المهرجانات وغيرها من الفرص المناسبة للقيام بهذا الأمر”.
وأجمل قائلا: “الوضع يحتاج بشكل عاجل إلى آلية تشريعية وإلى اشتغال مؤسساتي ونسقي نابع من سياسة عمومية تشمل وتدمج المناطق الجبلية وأيضا القطاعات المعنية بالتنمية”، موضحا أن “التكاملية والالتقائية يجب أن تكون عنصرا مفصليا بين مختلف القطاعات الحكومية المعنية”، لافتا إلى أن “هناك نوعا من الأمل حين صار العديد من الفاعلين السياسيين وبعض الأحزاب السياسية يعبرون عن مساندتهم لهذه الخطوة، المتعلقة بالملتمس التشريعي، ونحن نرجو أن يكون لنا إطار قانوني بهذا الخصوص قريبا”.