سياسة وعلاقات دولية
المصداقية المغربية في ورش الهيدروجين الأخضر تثير الاهتمام في إيطاليا
مثلت موافقة الحكومة الإيطالية على تمويل دراسة جدوى خط أنابيب “الممر الأخضر”، الذي ستكون مهمّته العملية هي توصيل الهيدروجين الأخضر المنتج في المغرب إلى ميناء تريست شمال شرق إيطاليا، نقطةً للتذكير بالدور الذي صار يلعبه المغرب بالنسبة للبلدان الأوروبية في مجال نقل الطاقة النّظيفة والصديقة للبيئة، لا سيما أن “المارد الأوروبي” يواجه صعوبات كثيرة في المجال الطاقي بحكم التغيرات المناخية.
هذا المشروع، الذي يدخل ضمن اهتمام النائبة الإيطالية ديبورا سيراتشياني من الحزب الديمقراطي، الداعمة له، يأتي في سياق الاتفاق الذي تم توقيعه خلال العام الماضي بين ميناء طنجة المتوسط وميناء تريست. وقالت النائبة عينها إن “المغرب يعتبر من الدول المهمة الواقعة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، التي تواصل التنقيب عن الاستدامة في عمليات الطاقة”.
مصداقية مغربية
مصطفى بنرامل، الباحث في المناخ والتنمية المستدامة، قال إن “خطوة إيطاليا تعدّ استباقية لكون العالم صار يتجه اليوم نحو الطاقات المتجددة والبديلة في ظل ما يعيشه الكون من تحولات وتقلبات في المناخ وفي سوق الطاقة”، مبرزا أن “الرهان على المغرب من طرف أوروبا يفصح عن كون المسار الذي اتخذه في هذا الصدد يسير وفق المنحى الدولي ويحترم الشروط والمعايير المعمول بها”.
وأورد بنرامل، في تصريحه لهسبريس، أن “إنتاج الهيدروجين، الذي هو ورش يحظى بأهمية قصوى، يعد نوعا من الانتقال الطاقي، ورغم أننا ما زلنا في بداية هذا المسار، فإن الطلب الدولي يزداد”، مشيراً إلى أن “الأولوية ستكون لتلبية حاجيات الاستهلاك الوطني أولاً من الهيدروجين المنتَج من خلال الطاقات الشمسية والريحية التي نتوفر على إرث طبيعي مهم منها، وهو ما سيجعلنا في مكانة ريادة مستقبلاً”.
وأشار إلى أن “طموح المغرب لتحقيق السّيادة الطّاقية وضمان حضور الطاقات النظيفة في المزيج الطاقي الوطني يرفع أيضا الرهان على هذه المشاريع، فهي ابتكارات بيئية جديدة تخول إيجاد طرق مثلى لا تصطدم مع الحلول الإيكولوجية، كما أنها غير مكلّفة بالمقارنة مع استيراد حصة الأسد من الطّاقة من الخارج”، خاتماً تصريحه بالقول إن “المغرب يحظى بمصداقية كبيرة لدى الدول الغربية في هذا الاتجاه، وهو ما يرفع حظوظه في السباق الطّاقي المستقبلي”.
التقارب الاستراتيجي
محمد السحايمي، الباحث في المناخ والتنمية المستدامة، قال إن “اعتماد الدول الأوروبية على الطاقات المتجددة والمنتجة بالمغرب ليس صدفة أو مسألة ثانوية، بل هو اختيار لمشاريع ذات أرضية استثمارية قوية في مجال إنتاج الطاقات البديلة”، موضحا أن “مشروع الكابل الممتد عبر المحيط الأطلسي بين المملكة المغربية وبريطانيا، والذي سيمد الكهرباء إلى سبعة ملايين منزل بالمملكة المتحدة، يأتي في سياق التقارب الاستراتيجي الطاقي”.
وعلق السحايمي على الخطوة الإيطالية قائلاً إن “هناك أسسا متينة وضمانات متوفرة ومستدامة لتوفير الأمن الطاقي البديل لهاته البلدان انطلاقا من إمكانات المغرب بحكم موقعه الاستراتيجي”، مشيرا إلى أن “التفكير اليوم في إنشاء مشروع أنبوب يربط بين المملكة المغربية وإيطاليا، والذي سيتكلف بتزويد دول أوروبية أخرى بالهيدروجين الأخضر المنتج ببلدنا، هو مسار جديد لانضمام دول أخرى إلى قائمة البلدان المستفيدة من الطاقات المتجددة”.
وأبرز أن “هذه الاتفاقيات والاستثمارات القادمة من دول عدة، ترغب في الاستفادة من تموقع المملكة الجغرافي، وكذلك ما تنتجه الكفاءات المحلية في المجال الطاقي النظيف، هما ثمرة العمل الاستباقي في هذا المجال، والتتبع المستمر للمشاريع الطاقية المتجددة، ومسايرة التطور على المستوى العالمي”، لافتا إلى أن “المغرب لديه قابلية وجاهزية للتعاون، وهذا واضح من خلال التزاماته المتواصلة مع بلدان القارة العجوز”.