أخبارالمجتمع

إصلاح مدونة الأسرة يفجّر خلافات بين “البيجيدي” ومجلس حقوق الإنسان

أشعلت المواقف التي عبّر عنها حزب العدالة والتنمية خلال المهرجان الوطني الذي نظمه الأحد 03 مارس حول إصلاح مدونة الأسرة، بخصوص مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الموضوع ذاته، سجالا قويا، لاسيما في الجانب المتعلق بطريقة إعداد المذكرة والمصادقة عليها، و”مخالفتها للتوجيهات الملكية” في الشق المرتبط بالمرجعية الإسلامية.

واعتبر حزب العدالة والتنمية أن المقترحات والتوصيات التي تضمنتها المذكرة التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الهيئة المكلفة بإعداد تعديل مدونة الأسرة “تم تمريرها بشكل لا يراعي التعددية، ولا يتقيد بقواعد الديمقراطية والشفافية التي يُفترض أن تؤطر عمل مؤسسة دستورية”.

ووجه الحزب انتقادات شديدة إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بخصوص طريقة إعداد المذكرة التي قدمها إلى الهيئة المكلفة بإعداد تعديل المدونة، إذ صرّحت عزيزة البقالي القاسمي، عضو المجلس الوطني لـ”البيجيدي”، وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بأن الأخير لَم يَعرض على الأعضاء المنتسبين إليه مسوّدة المذكرة للاطلاع عليها قبل مناقشتها والتصويت عليها.

وفي تصريح  قالت البقالي إن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان دَعتْ إلى دورة استثنائية لمناقشة المذكرة، “وكانَ موضوع الدعوة واضحا ولكن لم يكن مُرفقا بأي عرض”، مردفة: “لم نتوصل بأي وثيقة من أجل تكوين رأينا فيها قبل مناقشتها والتصويت عليها”.

وأفادت البقالي بأن التصور الأول حول الإشكالات الموجودة في مدونة الأسرة تم إعداده من طرف أحد أعضاء ديوان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعُرض في اجتماع للجمعية العامة، “وكان حوله نقاش تفاعلي فقط”، مضيفة: “بعد ذلك تم تشكيل لجنة عيّنت رئيسةُ المجلس أعضاءها، ولم تكن لدينا أي فكرة عن عملها حتى تاريخ لقاء الجمعية العامة بطنجة (15 يونيو 2023)، حيث تمت مناقشة الموضوع، لكننا لم نتوصل بأي عرض، رغم أننا طالبنا به”.

وبالعودة إلى النظام الداخلي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان فإن طلب عقد دورة استثنائية، المقدم من قبل أغلبية أعضاء المجلس، “يتعين أن يكون مرفقا بجدول أعمال محدد”.

واعتبرت عضو المجلس الوطني لـ”البيجيدي” أن “الإشكال يكمن في أن اللجنة المكلفة بإعداد مذكرة المجلس حول إصلاح مدونة الأسرة اشتغلت بعيدا عن الأعضاء، ولم يتم إشراكهم في نقاشاتها”، متابعة: “في الحفل الذي أقيم بمناسبة تعيين أمينة المسعودي عضوا بالمحكمة الدستورية قيل لنا إننا سنناقش مسودة المذكرة في اليوم الموالي، ولم نتوصل مرة أخرى بأي عرض”.

وبحسب المعطيات التي قدمتها عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان فإن مشروع المذكرة تم عرضه في جلسة التصويت عليه “بسرعة فائقة، دون التمكّن حتى من الاطلاع بشكل كافٍ على مختلف النقاط الواردة فيه”، وزادت موضحة: “تم تبرير ذلك بأن الرئيسة مُلزمة بتقديم المذكرة إلى الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، دون احترام للأعراف التي تقتضي إشراك جميع الأعضاء”.

وختمت البقالي بالقول: “تمنّيت لو كنتُ في موقع الدفاع عن المذكرة، بصفتي عضوا في المجلس، وأن أكون شعرت بأنني ساهمت في النقاش حولها، وأنّ الآراء التي قدّمتُها تم تفنيدها، لكن ذلك لم يحصل للأسف”.

وتفيد المعطيات التي حصلت عليها  بأن جلسة المناقشة والتصويت على مشروع مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتاريخ 20 دجنبر الماضي، انطلقت على وقع انسحاب إدريس خليفة، ممثل المجلس العلمي الأعلى، تعبيرا عن احتجاجه على مضمون الوثيقة.

وأفاد مصدر من داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن الخليفة “قاطع” رئيسةَ المجلس، أمينة بوعياش، وانصبّت مداخلته على الشق المرتبط بمدى تناغم نص المذكرة مع المرجعية الإسلامية، قبل أن يَنسحب، دون أن يحضر النقاش وعملية التصويت.

وفي وقت صوَّتت عزيزة البقالي ضد مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مع انسحاب ممثل المجلس العلمي الأعلى، فضَّل عضو ثالث التحفظ على المذكرة.

اللافت للانتباه أن العضو المتحفظ على المذكرة، بحسب التعريف المُقدَّم به من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، هو عضو في المكتب التنفيذي لـ”منتدى الكرامة لحقوق الإنسان”، المحسوب على حزب العدالة والتنمية، كما كان نائبا برلمانيا باسم الحزب خلال الولاية التشريعية السابقة.

وفي وقت لم يتسنَّ أخذ رأي رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، في الموضوع، اعتبر مصدر آخر من داخل المجلس، تحدث إلى ، أن المعطيات التي قدمتها عزيزة البقالي “غيرُ صحيحة”، ذاهبا إلى القول إن “الادّعاء بأن مشروع المذكرة عُرض بسرعة كذب وبهتان”.

وأردف المصدر ذاته، المنتمي إلى “لجنة النهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيز البناء الديمقراطي”: “اللجنة عقدت أكثر من خمسين اجتماعا، ولم يسبق للسيدة البقالي أن عارضتْ أي توصية أو تحفظت عليها، وكانت مواقفها متناغمة مع مواقف باقي الأعضاء، ولا أعرف لماذا تبنّت هذا الموقف الآن”.

وجوابا عن سؤال بخصوص عدم توزيع نصّ مسوّدة مشروع مذكرة المجلس على جميع الأعضاء قبل مناقشتها والتصويت عليها، قال المصدر ذاته: “لم نوزّعه قبل عرضه للنقاش والتصويت لأننا مؤسسة دستورية عملها يقتضي نوعا من السرية”.

من جهته عمّم مصطفى المريزق، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، توضيحا على وسائل الإعلام، عبر فيه عن استغرابه الكبير “تصريحات السيد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بمناسبة تنظيمه للمهرجان الوطني حول إصلاح مدونة الأسرة بالدار البيضاء، التي تهجم فيها على المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئيسته الأستاذة آمنة بوعياش، بأسلوب سافر، في معرض حديثه عن إصلاح مدونة الأسرة، مدعيا ادعاء كاذبا أن مشروع مذكرة المجلس يشكل خطرا على تماسك الأمة والأسرة والمجتمع”، وفق تعبيره.

وقال المريزق إن الجمعية العامة للمجلس التأمت في مقره المركزي بالرباط بتاريخ 20 يناير 2024، “في دورة استثنائية وظروف عادية حول نقطة فريدة في جدول الأعمال تتعلق بنقاش مشروع مذكرة إصلاح الأسرة والمصادقة عليها، استغرقت أزيد من أربع ساعات”.

وأضاف عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الدورة الاستثنائية جاءت “بعد النقاش الأولي الذي شهدته الجمعية العامة التي انعقدت بتاريخ 15 يونيو 2023 بمدينة طنجة، وقدمت خلالها المسودة الأولى لمشروع المذكرة بحضور لجنة مكونة من العديد من الخبراء من داخل المجلس ومن خارجه، اشتغلت لمدة تزيد عن ستة أشهر، وكانت فرصة لمشاركة كل العضوات والأعضاء في النقاش وإبداء الرأي وتقديم المقترحات البانية”، مردفا: “استمرت هذه اللجنة في اجتماعاتها الخاصة بغية جمع الآراء والمقترحات والتوصيات لتجويد مشروع المذكرة التي عرضت في الدورة الاستثنائية”.

المصدر : هسبريس

إغلاق