أخبارالبيئة والطقس
تفسيرات الأرصاد الجوية لظاهرة الحرارة القياسية في فصل الشتاء بالمغرب
بعدما سبق أن عاش المغرب، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023، ارتفاعاً في درجات الحرارة قُدِّر بـ”زائد 1,30 عن المعدل السنوي”، ما تسبب في رفع مستوى تبخر المياه المخزَّنة في السدود، مُفاقماً الإجهاد المائي الذي تعانيه البلاد، بسطت المديرية العامة للأرصاد الجوية بالمغرب بضعة تفسيرات ممكنة لهذه الظاهرة المتواترة بقوة خلال السنين الأخيرة.
وفي محاولة للتفسير العلمي لهذه “الظاهرة غير العادية” حسب وصف مسؤول التواصل بـ”الأرصاد الجوية المغربية”، في تصريح لجريدة هسبريس، أفاد الحسين يوعابد بأن “الطقس الساخن في شهري يناير وفبراير 2024 كان نتيجة الرياح الجنوبية الدافئة”.
“ركود توزيع الضغط الجوي”
“المُلاحَظ أن هناك نوعا من الركود في توزيع الضغط الجوي على مدى أسابيع خلال النصف الأول من فصل الشتاء، إذ خيم المرتفع الأزوري لفترة طويلة أكثر من المعتاد في أجواء المملكة، ما ساهم في استمرار الطقس المستقر والمشمس”، يورد يوعابد، مردفا: “أشعة الشمس تلعب دورا في ارتفاع درجات الحرارة، خصوصا في ظل غياب السحُب”.
وتابع المتحدث شارحا في إفادات لهسبريس: “خيَّم المرتَفع الأزوري، وهو منطقة ضغط جوي مرتفع، على الجزء الغربي من حوض المتوسط، وحفّز مع تأثير المنخفض الصحراوي هبوب رياح صحراوية جافة وحارة على جزء واسع من المغرب، وكذا جنوب أوروبا”؛ وهو ما أكده أيضا الخبير المغربي في شؤون المناخ والبيئة فؤاد الزهراني، واصفاً ذلك بما يشبه “الحاجز الحراري” المانع لوصول رياح باردة تحمل أمطارا موسمية معتادة في فصل الشتاء.
وبحسب المديرية التابعة لوزارة التجهيز والماء فقد “تميَّزت السنوات الأخيرة بتوالي موجات الحر، إذ سُجل ارتفاع في معدلات درجات الحرارة تجاوز 1.5 درجة مئوية، بالإضافة إلى زيادة في حدة ووتيرة الموجات الحرارية، ليتم تحطيم المعدلات القصوى في مناسبات عديدة”، مستحضرة “تجاوز الحرارة 50 درجة مئوية لأول مرة في أكادير الصيف الماضي”.
“احترار الأرض والمحيطات”
يتفق الزهراني، في حديثه مع هسبريس، مع معطى أكدته مديرية الأرصاد مفاده أن “حالة المناخ بالمغرب في شتاء 2024 ليست سوى جزء من سياق عالمي يتميز بزيادة مطَّردة في تركيزات الغازات الدفيئة، ما جعل السنوات الثماني الماضية الأكثر حرارة على الإطلاق في جميع أنحاء العالم”.
ويشرح دكتور علوم البيئة قائلا إن “تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية (خاصة التصنيعية والتكنولوجية المتزايدة) أكبر مُسبب لارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار +1.7 درجة مئوية بشكل عام، بخلاف العوامل الأخرى”، مشددا على ضرورة “التمييز الواضح بين الاحترار الأرضي (الاحتباس الحراري) والتغيرات المناخية التي تعد نتيجة للاحترار”.
وأضاف الخبير ذاته أن “ارتفاع حرارة المحيطات وما تعرف بين الخبراء بظاهرة [النِّينْيو] من العوامل المساهمة أساسا في زيادة وتسريع وتيرة تدهور الأرض”، مستدلا بـ”ارتفاع درجة حرارة المحيطات القُطبية بـ 20 درجة مئوية خلال فبراير الماضي”، ومعتبرا أن ذلك “يهدد فعليا الحياة البشرية في السواحل والدول الجزرية”.
وخلص الزهراني في تصريحه إلى أن “الموقع الجغرافي للمغرب في منتصف الخريطة العالمية، وقُربه من مناطق الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يجعل منه معرَّضاً أكثر ومرشَّحاً بقوة لمزيد من انعكاسات الاحترار، الذي نبه إليه اتفاق باريس للمناخ منذ 2015، وألحّ على الدول للالتزام بمساهماتها الوطنية”.
من جانبها لفتت مديرية الأرصاد في معطيات تفسيرية طلبتْها جريدة هسبريس إلى أن “الجزء الأكبر من هذا التسخين عائد إلى الاحتباس الحراري الناجم عن أنشطة الإنسان، إذ تُسبب انبعاثات الغازات الدفيئة البشرية في زيادة حوالي 1,2 درجة مئوية في درجات الحرارة”.
ونظرًا لـ”المعدلات المرتفعة والمستمرة لانبعاثات الغازات الدفيئة”، يُتوقع، وفق يوعابد، أن “يستمر تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري”، خاتما: “رغم أن انبعاثات الغازات الدفيئة البشرية تُفسر الاتجاه العام لارتفاع درجات الحرارة على مر العقود إلَّا أنها لا تكفي لشرح الزيادة الكبيرة في درجات الحرارة التي شهِدْناها خلال هذا الشتاء، على الخصوص”.
وكان المغرب سجل “درجات حرارة قياسية هذا الشتاء بلغت أعلى مستوياتها في شهر يناير الماضي، الذي كان الأكثر حرارة في المملكة منذ العام 1940″، إذ بلغ متوسط الحرارة في هذا الشهر “رقما قياسيا بزائد 3,8 درجات مقارنة مع المستوى المعتاد خلال الشهر نفسه ما بين 1991 و2020”. وتم تجاوز أرقام قياسية يومية سجلت سابقا في عدة أقاليم؛ كما تم تجاوز أرقام قياسية في عدة مناطق يومي 13 و14 فبراير الماضي.
المصدر : هسبريس