أخبارالإقتصادالزراعة

دراسة تقيس الأمن الغذائي في المغرب بمقاربة المجهودات ورصد التحديات

ما يزال تحقيق الأمن الغذائي بالمغرب بعيد المنال، على الرغم من تعدد وتنوع البرامج المنفذة في إطار السياسات الزراعية الوطنية، وهو الأمر الذي بينته الحرب الروسية الأوكرانية التي تبقى عاملا خارجيا بالنسبة للبلاد، إلى جانب تأثيرات التغيرات المناخية على مستوى الإنتاج الوطني، مما ينبه الدولة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الفلاحية المتخذة في هذا الصدد”.

كانت هذه أبرز الخلاصات التي توصلت إليها دراسة أعدها الباحثان المغربيان محمد الخمسي ونعيمة البالي، صدرت حديثا ضمن مؤلف جماعي يحمل عنوان “الأمن الغذائي والطاقي في البلدان العربية والأفريقية في ظل التغيرات المناخية والجيو-استراتيجية”، شارك في تأليفه باحثون مغاربة من جامعات ومؤسسات مختلفة بالمملكة، إلى جانب آخرين أجانب، بتنسيق من مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش.

الدراسة بينت أن “النموذج المغربي الفلاحي، على الرغم من مختلف الإكراهات، يظل نموذجا متميزا على المستوى القاري، خصوصا عند الأخذ بعين الاعتبار مسار تجربته في إرساء منظومة وطنية للسيادة الغذائية، وذلك وسط قارة من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى معاناة حوالي 78 مليون نسمة بها من المجاعة، على اعتبار أن الأمن الغذائي لأفريقيا يبقى رهينا بالتغيرات المناخية، فضلا عن الصراعات الجيو-سياسية خارج القارة”.

المصدر ذاته أكد أن “المغرب بات يتوفر على ترسانة مرجعية متقدمة ذات صلة بالأمن الغذائي بأبعاده المختلفة، حيث أفردت الوثيقة الدستورية مواد مهمة ترتبط بالمنظومة الغذائية، خصوصا الفصول 31 و34 و35 و40، فضلا عن الخطب الملكية التي تتحدث عادة عن قضايا المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية وقضايا التنمية الفلاحية، إلى جانب حماية البيئة وتنمية نسيج الموارد الطبيعية”.

وزاد: “القطاع الفلاحي الوطني كان قبل سنة 2008 يعاني من مشاكل بنيوية، أبرزها انخفاض الإنتاجية وضعف الاستثمار في القيمة المضافة وضعف تكيفها مع آثار التغير المناخي بحكم ارتباطها بالتساقطات المطرية أساسا، إلى جانب عدم الاستخدام الأمثل لإمكانيات الأراضي بطرق عصرية وحديثة، الأمر الذي جاء مخطط المغرب الأخضر من أجل تجاوزه إلى ما هو أفضل، من خلال استخدام منهجية جديدة تقوم على دمج متدخلي القطاع والرفع من الاستثمار، ما عجل باستفادة حوالي 2.7 مليون فلاح صغير ومتوسط من أكثر من 40 مليار درهم”.

الدراسة المعنونة بـ”التغير المناخي وتحقيق السيادة بالمغرب” أوضحت أن “المخطط المذكور مكن من توفير حوالي 342 ألف منصب عمل إضافي، إلى جانب الرفع من عدد أيام العمل لكل عامل من 110 أيام إلى 140 يوما في السنة. ومكن كذلك من الرفع من مساهمة القطاع الفلاحي في معدل النمو السنوي إلى 17.30 في المائة سنة 2018، فضلا عن مساهمته في تطوير الصادرات الفلاحية بحوالي 139 في المائة خلال السنوات العشر الأولى للمشروع”.

واستمرار منهما في استعراض السياسات المغربية في المجال الفلاحي، عرج الباحثان المذكوران على مخطط “الجيل الأخضر” الذي يهم الفترة الممتدة ما بين 2020 و2023، حيث اعتبرا أن “هذا المخطط يظل نوعيا مقارنة مع سابقه، على اعتبار أنه جاء بهدف تأهيل الفلاحين المهنيين وتنظيمهم والرفع من مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن تمكين حوالي 400 ألف أسرة من الانتقال إلى الطبقة الفلاحية المتوسطة، مع تمكين 690 ألف أسرة أخرى من البقاء ضمن الطبقة ذاتها”.

وعلى الرغم من كل هذه المجهودات التي بذلتها الدولة في هذا الإطار، خلص محمد الخمسي ونعيمة البالي إلى أن “المغرب عليه أن يستعد، من خلال سياسات وبرامج عمومية، للعديد من الأزمات الصحية والجيو-سياسية المرتقبة، حيث من المنتظر كذلك أن يواجه الأمن الغذائي الوطني التحديات التي يفرضها تغير المناخ، وهو ما ينبه إلى ضرورة التفكير في سياسات أكثر استدامة”.

المصدر : هسبريس

إغلاق