ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين، بنقاش بين الرواد حول أثمنة فاكهة الأفوكادو بالمغرب كبلد منتج وفرنسا كبلد مستهلك لها، حيث دخلوا في مقارنات بين الأثمنة بالبلدين، رابطين الموضوع بتراجع الفرشة المائية الوطنية والتدابير التي أقرتها السلطات فيما يتعلق بعدد من الأنشطة الاقتصادية التي لها علاقة مباشرة باستهلاك المياه.
وعلى هذا النحو، جرى تداول بعض الأثمنة التعريفية للمنتوج المغربي من الأفوكادو بإحدى المساحات التجارية الكبرى بالجمهورية الفرنسية على أساس أنها تخص الكيلوغرام الواحد من هذه الفاكهة، وهي أثمنة تبقى أقل من نظيرتها بالمغرب، في حين إنها تخص الحبة الواحدة من المنتوج نفسه الذي ينتج عادة على مستوى الحقول المتواجدة بالمنطقة الرابطة ما بين القنيطرة والعرائش.
وأكد مهنيون تحدثوا لهسبريس أن “النقاش حول الإنتاج المغربي من الأفوكادو وصل مرحلة تستوجب الاحتكام إلى المنطق، حيث لا يمكن أن يكون الثمن بفرنسا أقل من المغرب بشكل قطعي، اعتبارا لمتطلبات النقل والجمركة”، لافتين إلى أن “المنتوج المغربي ليس وحده المتوفر بأوروبا، إذ يوجد البيروفي والأمريكي كذلك”.
عبد الله اليملاحي، رئيس “جمعية الأفوكادو المغربية”، قال إن “مختلف المعطيات التي تم ترويجها خلال الأيام الماضية عارية عن الصحة، فكما هو معروف يتم اقتناء الأفوكادو المغربية بفرنسا عادة بنظام الحبة الواحدة، التي يصل ثمنها إلى 2 يورو كحد أقصى ويتراوح ما بين 95 و98 سنتا كحد أدنى”.
وأضاف اليملاحي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المنتوج المغربي يخضع بدوره لمحدد العرض والطلب ولا يمكن أن يستهلكه الأجانب بثمن أقل مقارنة بنظرائهم المغاربة، حيث تؤثر تكاليف النقل والجمركة على الثمن بطبيعة الحال، في وقت ربما لا يأخذ المقتحمون لمثل هذا النقاش الفارق بين اليورو والدرهم”.
وبيّن المتحدث أن “موضوع الأفوكادو بالمغرب انحرف عن مساره المنطقي منذ إعلان شركة إسرائيلية استثمارها في هذا القطاع بالمملكة، حيث أخذ البعض هذا الموضوع مطية للضرب في الاستثمارات الوطنية في هذا الصدد، في وقت تستهلك قطاعات أخرى بدورها كميات وافرة من المياه. وبالتالي، فالنقاش يتطلب نوعا من العقلانية”.
وبخصوص الإنتاج الوطني لموسم 2023/2024، أشار رئيس “جمعية الأفوكادو المغربية” إلى أن “الإنتاج النهائي وصل إلى حوالي 70 ألف طن، تم تصدير حوالي 60 ألف طن منها، في حين جرى تسويق 10 آلاف طن المتبقية بالسوق الوطنية”، موضحا أن “المغرب عادة ما يلجأ إلى الاستيراد من البيرو خلال الفترة ما بين أبريل وأكتوبر من كل سنة، وهي الفترة التي يرتفع فيه الثمن إلى ما بين 40 و50 درهما، في حين يتراجع خلال موسم الجني إلى ما بين 10 و15 درهما”.
من جهته، قال الحبيب نجمي، وسيط تجاري في مجال التسويق الفلاحي بفرنسا، إن “المقارنة بين أثمنة الأفوكادو المغربية بالمملكة وبفرنسا غير متكافئة، حيث نظل أمام نظامين مختلفين للشراء وعملتين مختلفتين وكذا حديْن أدنيَيْن للأجور، الأمر الذي لا يستقيم معه إجراء أية مقارنة”.
وأوضح نجمي، في تصريح لهسبريس، أنه “حتى في فرنسا يوجد هنالك تفاوت في الثمن ما بين الأسواق الكبرى التي يصل فيها ثمن الحبة الواحدة من الأفوكادو إلى حوالي 1,5 يورو والأسواق الشعبية التي تُمكن المواطنين من أصناف أخرى من هذه الفاكهة بما يصل إلى 0,5 يورو كحد أدنى، أخذا بعين الاعتبار معطى الجودة بطبيعة الحال”.
وأكد المتحدث أن “المنطق الاقتصادي لا يسمح للفاعلين الفرنسيين باستيراد الأفوكادو المغربية وبيعها بأقل من ثمنها للمواطنين، وإلا فما الغاية الاقتصادية المحققة في هذا المنحى، حيث يظل الثمن متقاربا بالمغرب بلد المنشأ وفرنسا بلد الاستهلاك، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المغرب ليس وحده من يصدر إلى الجمهورية، فهنالك اعتماد كبير على المنتوج البيروفي”.
ولفت الوسيط التجاري نفسه إلى أن “الأثمنة الرائجة حاليا بأسواق الجملة بفرنسا هي 19 يورو للعلبة المكونة من 16 وحدة، ثم 20 يورو للعلبة المكونة من 20 وحدة، حيث يتم تسويقها بثمن 2 يورو للوحدة كأقصى تقدير بالأسواق الكبرى، في حين إن هذا الثمن يصل بالأسواق الشعبية إلى 2 يورو لثلاث وحدات، أقل جودة”، داعيا إلى “عدم الاستمرار في الترويج لمثل هذه المعطيات التي تظل فاقدة للمصداقية”.
المصدر : هسبريس