بعد أيام من كشف عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن توقعات مقلقة بشأن الموسم الفلاحي الحالي، وعدم تجاوز المحصل المرتقب سقف 25 مليون قنطار، أحيت التساقطات المطرية الأخيرة آمال الفلاحين وفرضت على المحللين الاقتصاديين مراجعة توقعاتهم بشأن النمو، خصوصا أن القيمة المضافة للنشاط الفلاحي تهيمن على حصة مهمة من الناتج الداخلي الخام.
بلغة الأرقام، أنعشت الأمطار حقينة السدود، التي سجلت نسبة الملء تصل إلى 27.49 في المائة، لتستقر عند 4.431.46 مليون متر مكعب، حيث بلعت نسبة ملء سدود حوض اللوكوس 49.85 في المائة، ليصل إلى 858.28 مليون متر مكعب، وحوض سبو بزائد 41.57 في المائة، ليبلغ 2308.73 مليون متر مكعب، وكذا تانسيفت بزائد 55.84 في المائة، ليستقر عند 126.93 مليون متر مكعب.
في المقابل، قلّل خبراء من تأثير التساقطات المطرية الأخيرة على الموسم الفلاحي، باعتبار أن بارومتر الموسم هو محصول الحبوب، المرتبط نجاحه بتساقطات منتظمة خلال الفترة بين نونبر ومارس من كل سنة؛ وهو الأمر الذي لم يتحقق هذا الموسم، وتؤكده توقعات البنك المركزي الأخيرة، إلا أن لها تأثيرات إيجابية أخرى على الزراعات الربيعية والمراعي والفرشة الماضية.
الزراعات الربيعية
يرتقب أن تساهم الأمطار الأخيرة في إنعاش بعض الزراعات الربيعية وتخفيف خسائر الموسم الفلاحي. يتعلق الأمر بأنواع الفواكه الحامضية، إضافة إلى توسيع الغطاء العشبي الخاص بالمراعي بما ينعكس إيجابا على وضعية القطيع الوطني، الذي عانى خلال الفترة الماضية من ارتفاع أسعار الأعلاف في ظل قلة التساقطات، وكذا تغذية الفرشة المائية التي استنزفت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
وبهذا الخصوص، أكد جمال مرتقي، مهندس فلاحي متخصص في تكنولوجيا الري، أن التساقطات الأخيرة مهمة بشكل أساسي لمعنويات الفلاحين، الذين فقد أغلبهم الأمل في بلوغ محصول حبوب جيد هذه السنة، موضحا أن الزراعات التي تم الاحتفاظ بيها لفصل الربيع تظل الأكثر استفادة، خصوصا في مناطق؛ مثل الخميسات وتاونات وكذا الغرب وسايس وشمال زعير.
وأضاف مرتقي أن الفلاحين في جنوب الدار البيضاء ومناطق الشاوية تعرضوا لخسائر مهمة في محاصيلهم للحبوب، خصوصا المرتبطة بالخريف، مثل القمح الصلب واللين والشعير، بسبب النقص الكبير في التساقطات المطرية، مؤكدا أن ظروف الموسم الحالي تحاكي بدرجة كبير موسم 1994 الذي سجل تراجعا خطيرا في إنتاج الموسم الفلاحي.
فرصة أخيرة
يختلف الوضع الفلاحي من منطقة إلى أخرى، حيث سيستفيد بعض الفلاحين من التساقطات الأخيرة التي تعرفها المملكة، خاصة في وسط وغرب وشمال المملكة؛ بينما سيتضرر بعضهم جراء عدم حرث الأراضي لغياب التساقطات، وهو حال مجموعة من الفلاحين في بعض مناطق الشاوية وإقليم سيدي بنور.
وبالنسبة إلى حسن الزين، فلاح من منطقة جاقمة قرب برشيد، فالتساقطات الأخيرة مهمة لبعض الزراعات العلفية، بعد بلوغ النباتات والمزروعات مستوى فترة النمو اللازم، موضحا أن الأمر يعتمد على استمرارها وانتظامها لأيام متواصلة، بما يغذي المزروعات وينعش موجودات المياه في الآبار، مشددا على أن بعض المناطق وجدت صعوبات في توفير الماء والكلأ للماشية؛ ما اضطر كسابة إلى بيعها بسبب ارتفاع تكاليف رعايتها.
من جهته، أكد إسماعيل الكروش، مسير ضيعة فلاحية، أن التساقطات المطرية الأخيرة ستساهم في إنعاش حقينة بعض السود والفرشة المائية؛ لكنها لن تؤثر بشكل مباشر على المزروعات في المناطق غير السقوية، موضحا بالقول إنه “بناء على تجربتي الشخصية، فالموارد الخاصة بالري تعرف أزمة غير مسبوقة.. وبالتالي، فالأمل قائم حول حلول بديلة خلال السنوات المقبلة؛ مثل محطات تحلية مياه البحر”.
وصبت توقعات سابقة للمندوبية السامية للتخطيط في اتجاه تحقيق القيمة المضافة الفلاحية زيادة بنسبة 0,5 في المائة، حسب التغير السنوي، باعتبار فرضية عودة نظام مناخي يقارب التوجهات المطرية التي تميز موسم فلاحي عادي، بدءا من الفصل الأول من 2024.
المصدر : هسبريس