أخبارسياسة وعلاقات دولية
إنشاء وكالة مغربية للإحصاء والمعلومات .. ارتقاء بالوضعية أم دوافع سياسوية؟
بعدما دعا مقترح قانون تقدمت به مجموعة العدالة الاجتماعية بمجلس المستشارين إلى إحداث “الوكالة الوطنية للإحصاء والمعلومات” و”مجلس وطني للإحصاء” لتعويض أدوار “المندوبية السامية للتخطيط”، نفت المجموعة عينها أن “تكون للأمر علاقة بالحل، بما أنه لفظ يحمل قسوة ما”، مشددة على أن “الأمر يتعلق بدعوة للارتقاء بوضع هذه المؤسسة لتساير مختلف التحولات التي يعرفها المغرب، والإقبال على الإحصاء الوطني”.
وجاء في مذكرة تقديم القانون الذي اطلعت عليه أنه “بالنظر إلى الأدوار التي تتولاها المؤسسات الإحصائية في ما يخص تجويد منظومة السياسات العمومية تخطيطا وتقييما، فإن إصلاح منظومة الإحصاء الوطني يقتضي تعزيز استقلاليتها وطابعها العلمي الحيادي”، مؤكدة أن المقترح يسعى إلى “تشكيل مؤسسة وطنية مرجعية، مع حفظ الحقوق المكتسبة للعاملين في المندوبية السامية للتخطيط وتعزيزها”.
“ارتقاء بالوضع”
المستشار المصطفى الدحماني، أحد أعضاء مجموعة العدالة الاجتماعية الذين تقدموا بمقترح القانون سالف الذكر إلى جانب سعيد شاكر ومحمد بن فقيه، قال إن “القانون لا يقترح حل المندوبية السامية للتخطيط، ولا نوظف هذا المفهوم؛ بل تبين لنا أن هذه التسمية فيها لبس، لأن هذه المؤسسة لا تُعد مخططات، ومهمتها التي نعرف هي أنها تزودنا ببيانات ومعطيات وأرقام إحصائية”، مبرزا أن “ما نرجوه وراء هذا المقترح هو الارتقاء بوضع هذه المؤسسة وضمان المزيد من الاستقلالية لها”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول “المقصود بعدم الاستقلالية إذا كانت تقارير هذه الهيئة تزعج الفاعل الحكومي؟”، قال الدحماني إن “الصراعات الخفية والمعلنة بين “مندوبية الحليمي” والحكومات المتعاقبة تبين عدم استقلاليتها؛ لأنها تتعرض لنوع من الضغوط”، معتبرا أن “التصور الذي نريده لهذه المؤسسة هو أن تكون مثل المجلس الأعلى للحسابات، وأن تكون تقاريرها شيئا يخشاه الفاعل العمومي وأن تخصص جلسات داخل المؤسسة التشريعية لتناقش مضامينه وتتيح التحاور بين المؤسسات الدستورية”.
وسجل المتحدث متكلما باسم “مجموعة العدالة الاجتماعية” ما اعتبره “حاجة هذه المؤسسة إلى المزيد من الاستقلالية، تعزيزا لطابعها العلمي، وخدمة للتوجهات الكبرى للمملكة؛ وذلك تماشيا مع تعليمات الملك محمد السادس من أجل إجراء إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، لتأهيلها لتكون قادرة على مواكبة النموذج التنموي”، مشيرا إلى “إقرار أحمد الحليمي بنفسه، في جواب كتابي لمجموعة العدالة الاجتماعية، بأن هناك مزيدا من الانتظار في ما يتعلق بتحقيق الاستقلالية المنشودة للمندوبية”.
“دوافع سياسوية؟”
عبد الحميد بنخطاب، باحث في العلوم السياسية، لم يستبعد أن “تكون دوافع اقتراح هذا القانون سياسوية لا تخلو من مزايدات”؛ لكنه أكد بالمقابل أن “المندوبية السامية للتخطيط في حاجة فعلية إلى إصلاحات عميقة، مع أنه لا يمكن التخلي عن هيئة وطنية رسمية ومعتمدة متخصصة في الإحصاء وفي إنتاج البيانات والمعطيات والمعلومات ووضعها رهن إشارة الفاعل السياسي والحكومي؛ وأيضا رهن إشارة السلطات الإدارية عموما”.
وأضاف بنخطاب، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذه المؤسسة، التي يعد أحمد الحليمي مندوبها السامي، لا تعدو أن تكون هيئة استشارية توفر للسلطة التنفيذية معلومات إحصائية دقيقة وفقا لطبيعة الظرفية الاقتصادية”؛ لكن الإشكال الذي حدث هو أنه “في لحظة ما، بدا أن الإحصاءات المقدمة من طرف الحكومة لا تتماشى مع تلك المعلنة من طرف المندوبية، وهذا يطرح الكثير من الإشكالات”، يورد المتحدث.
وعزا أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط هذا التباين إلى “إمكانية أن تكون المعطيات التي تتوفر عليها المندوبية غير متوفرة لدى الحكومة؛ وهذا أمر مقلق، أو أن المعايير التي تشتغل بها المندوبية غير سليمة، وهو ما يحتم أن يشتغل المختصون على فك هذا اللبس”، مشيرا إلى أن “الإصلاح الذي دعا إليه الملك يجب أن ينطلق من هذه الإشكالية، وهذا لا يجعلنا في حاجة إلى هيئة جديدة تسمى الوكالة الوطنية للإحصاء والمعلومات أو غيرها”.
المصدر : هسبريس