تفاعلت ديناميات أمازيغية في المغرب مع إقدام بنك المغرب على “تزيين” واجهته بحرف تيفيناغ؛ وهي الخطوة التي كانت منتظرة بإلحاح، بعد تحرك العديد من مؤسسات الدولة في اتجاه وضع معيار بصري للمساواة اللغوية بين اللغتين الرسميتين، وتخصيص حيز لـ”تمازيغت” في واجهة مقراتها. هذه الديناميات “ثمنت” الخطوة في انتظار “المرور” إلى المطلب الأكثر إلحاحا: الأمازيغية في الأوراق النقدية.
جهات أخرى متحركة في سياق “العمل الأمازيغي” طالبت بـ”مساءلة المؤسسة المالية على هذا التأخير، الذي لم يكن مبررا ولا مفهوما بالنظر إلى الدسترة ودور القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”؛ وذلك في وقت تتمسك فعاليات أخرى بكون “مسار استكمال ما تبقى من الترسيم صار على سكته الصحيحة رسميا”.
من جهته، أفاد مصدر مسؤول ببنك المغرب بأنه “في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وضع بنك المغرب مخطط عمل يرمي إلى تحديد كيفية ومراحل إدماج اللغة الأمازيغية تدريجيا في الميادين التي تخصه”، مؤكدا أنه “من هذا المنطلق، تم إدراج الأمازيغية ضمن اللوحات التي تحمل شعار بنك المغرب وتعميمها على كافة مقرات المؤسسة، تماشيا مع مقتضيات المادة 27 من القانون سالف الذكر، وذلك قبل الأجل القانوني المحدد في هذا الشأن”.
“تماطُل مرفوض”
عبد الواحد درويش، ناشط أمازيغي، قال إن “هذه الخطوة التي أقدم عليها بنك المغرب تُسائل المؤسسة أكثر من أي شيء آخر بخصوص تأخير وضع التسمية الأمازيغية إلى جانب الحرف العربي واللاتيني في واجهة بنايتها”، مشيرا إلى أن “هذا التسويف في طرح الحرف الأمازيغي في واجهة البنك المركزي يكشف نوعا من الاستهتار في التعامل مع الأمازيغية، خصوصا أن مؤسسات عمومية كثيرة بما في ذلك المؤسسة التشريعية احترمت الدستور”.
وأوضح درويش، في تصريحه لهسبريس، أن “البنك المركزي كمؤسسة استراتيجية كان يتعين أن يتخذ هذه الخطوة في وقتها المناسب”، واستدرك: “لكن وحتى لا نكون عدميين فلا ضير أن نعترف بأنها خُطوة إيجابية في مسار استكمال التفكير في الأمازيغية كلغة رسمية في واجهة كل مؤسسات الدولة بلا استثناء”، مؤكدا أن “التراجع الذي تشهده الحقوق اللغوية والثقافية يستدعي أن نفكر في الأمازيغية بشكل مختلف اليوم، حتى في حضورها البصري”.
ودعا المتحدث عينه البنك المركزي إلى “الاشتغال على وضع تصور لإدراج الأمازيغية في الأوراق النقدية كضرورة تاريخية والتزام قانوني”، لافتا الانتباه إلى أن “الفعاليات الأمازيغية انتزعت وعدا رسميا بأنه في أفق 2028 سيكون هذا الإدراج ممكنا؛ والآن بعدما تجاوزنا الإشكالات التقنية التي طُرحت فهذه العملية ممكنة، في الأفق المعلن، حتى نستطيع إخراج أوراق جديدة وترويجها للتداول بكل مضمونها الذي يحترم الانتماء”.
“خطوة جد إيجابية”
محيي الدين حجاج، منسق جبهة العمل الأمازيغي، قال إن “التركيز الآن يتعين أن ينصب على أن الخطوة قد جاءت، وهي عملية جد إيجابية أقبل عليها بنك المغرب، تكريسا للنهضة التي صار ملف الأمازيغية يعرفها في ظل توفر الإرادة السياسية وأيضا الرعاية الملكية منذ خطاب أجدير التاريخي سنة 2001″، معتبرا أن “تمزيغ واجهة بنك المغرب يتماشى مع ما تشهده الأمازيغية من حيوية في التعاطي الرسمي في السنوات الأخيرة”.
وضمن تصريحه لهسبريس، لفت حجاج الانتباه إلى أن “الدور الآن على المؤسسات الخاصة، لكي يكون التعاطي مع الأمازيغية عاما وشاملا”، معتبرا أن “الخطوات التي تفصلنا عن وضع مختلف كليا لتمازيغت تجعل الوصول إلى الأهداف التي رفعتها الحركة الأمازيغية منذ تشكلها واقعا قريبا بدأنا نلمسه من خلال التدبير التشاركي لملف الأمازيغية”، وزاد: “في مطلب إدراج النقود نتفهم أن هناك تعثرا وأن الأمر يحتاج وقتا؛ لكن الخطوة ستأتي”.
وأكد الفاعل الأمازيغي أن “المؤشرات إيجابية؛ الواقع يُؤخر بعض التقدم، لكن الأساسي أنه ليس لدينا شك في أن هناك غيابا للرغبة أو أن الأمر يتصل بإهمال ملف الأمازيغية من طرف مؤسسات عمومية”، مسجلا أن “النشطاء في حقل الأمازيغية يدركون أن جميع الفاعلين العموميين يتقاطعون مع الإرادة الملكية في هذا الموضوع. لذلك تأخر زاوية من زوايا التفعيل لا يعني القفز على القانون. هي إكراهات عملية، تكشف أن الملف وضع على السكة الصحيحة”.
المصدر : هسبريس