يستمر الاستهداف الممنهج الذي يطال المنتجات المغربية في الأسواق الأوروبية، حيث قاد منتجو الخضر والفواكه الفرنسيين، نهاية الأسبوع الماضي، حركة احتجاجية في الأسواق الكبرى في هذا البلد ضد الطماطم مغربية المنشأ وضد ارتفاع الواردات الفرنسية من هذا المنتج، معتبرين أن “انخفاض تكلفة العمالة في المغرب وعدم وضوح بيانات المنتوج المستورد تفرضان عليهم منافسة غير شريفة”؛ فيما كان المنتجون في كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا قد عقدوا، أواسط شهر أبريل من السنة الجارية، اجتماعا تنسيقيا طالبوا من خلاله المفوضية الأوروبية بتطبيق تدابير وقائية لحماية المنتج المحلي من المنافسة المغربية.
ويأتي استمرار هذا الاستهداف غير المبرر الذي تتعرض له المنتوجات المغربية في بعض الأسواق بالقارة العجوز، بالتزامن مع مطالبات في بريطانيا بإلغاء الحصص والتعريفات الجمركية التي تطبقها لندن على المنتجات المغربية، حيث وصف اللورد البريطاني دانييل هنان هذه الرسوم بـ”السخيفة والموروثة عن الاتحاد الأوروبي”، مؤكدا أن المنتج المغربي لا يفرض أية منافسة غير عادلة على نظيره البريطاني؛ فيما لمح منتجون ومصدرون مغاربة إلى إمكانية مقاطعة أسواق الاتحاد الأوروبي في حال استمرار هذا الوضع غير المقبول.
في هذا الإطار، قال أحمد الفال محمد، مندوب الفيدرالية البيمهنية لإنتاج وتصدير الفواكه والخضر “FIFEL”بجهة الداخلة وادي الذهب، إنها “ليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة على الأرجح التي تتعرض فيها المنتجات الفلاحية المغربية، على غرار الطماطم، لهجوم غير مبرر وممنهج من طرف بعض المزارعين في أوروبا، خاصة في فرنسا وإسبانيا”، موضحا أن “منتجي الخضر والفواكه في بعض دول الاتحاد الأوروبي يحاولون تصفيته حساباتهم مع حكومات بلادهم وتبرير عجزهم التنافسي بمهاجمة منتجات المغرب”.
في هذا الصدد، سجل مندوب الفيدرالية البيمهنية لإنتاج وتصدير الفواكه والخضر “FIFEL”بجهة الداخلة وادي الذهب أن “المستهلك الأوروبي بات يفضّل المنتجات المغربية على المنتجات المحلية الأوروبية بسبب الجودة العالية التي تتميز بها هذه الأولى”، مشددا على أن “تصرفات المزارعين في فرنسا هي تصرفات غير حضارية وتنطوي على تجاوزات خطيرة تعامل معها المغرب، وإلى حدود اللحظة، بأسلوب حضاري وبكل مسؤولية”.
وأكد المتحدث ذاته لهسبريس أن “المنتج المغربي يحترم جميع معايير الجودة والصحة”، متسائلا “كيف لهؤلاء الفلاحين الأوروبيين أن يتجاهلوا أن وصول المنتجات الزراعية الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي يتم في إطار اتفاقيات ثنائية وفي إطار حصص متفق عليها مسبقا ولا تضر بأي شكل من الأشكال الإنتاج المحلي الأوروبي؟”.
وتابع أحمد الفال محمد: “ادعاءات المزارعين في هذه الدول بشأن انخفاض تكلفة الإنتاج في المغرب غير دقيقة”، مشددا على أن “استمرار هذه الاستفزازات سيدفع المنتجين والمصدرين المغاربة إلى مقاطعة هذه الأسواق والتوقف عن شراء الأدوية الفلاحية وبعض مدخلات الإنتاج من هذه الدول، والتوجه نحو أسواق أخرى تشهد طلبا كبيرا على المنتج المغربي خاصة الطماطم، على غرار السوق البريطانية والأسواق الأخرى خارج الاتحاد الأوروبي التي فُتحت أو يجري التفاوض على فتحها مستقبلا”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال علي بيدا، منتج ومصدر للخضر والفواكه إلى الخارج، إن “هذه الاحتجاجات التي تحولت إلى هجمات متكررة تضر بالعلاقات التجارية النموذجية بين المغرب وفرنسا، هي أفعال غير مبررة وترمي إلى نشر مغالطات إعلامية مغرضة تسئ إلى الفلاحين المغاربة وتلحق بهم ضررا بالغا”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول السبل الكفيلة بمعالجة هذا الوضع، شدد المتحدث ذاته على “ضرورة تفعيل القنوات الدبلوماسية من أجل حماية ولوج المنتوجات الفلاحية المغربية إلى الفضاء الأوروبي بشكل سلس ودون عقبات، وهذا ما سجلته الحكومة المغربية في فترة سابقة باعتبار أن اتفاق التبادل الحر الذي يُؤطر ولوج المنتجات الفلاحية إلى الاتحاد الأوروبي هو إجمالي وشمولي وليس انتقائيا، إذ تم التفاوض على جميع تفاصيله من الكميات والمواد وغيرها”.
ولمح بيدا أيضا إلى “اللجوء إلى القضاء عبر رفع شكاوى قضائية أمام المحاكم الفرنسية، بسبب ارتفاع وتيرة الهجمات العدائية في وسائل الإعلام وعلى أرض الواقع”، مسجلا أن “المنتجات الفلاحية المغربية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقية الشراكة المغربية الأوروبية تتميز بجودة عالية تستجيب بشكل دقيق وصارم للمعايير القانونية المطلوبة في الأسواق الأوروبية”.
وخلص إلى أن “المشكل يكمن في السوق الفرنسية والمزارع الفرنسي وسياسة الدولة الفرنسية اتجاه مزارعيها وفلاحيها. وعليه، فإن الأمر لا يتعلق بمعايير التسويق أو غيرها من المعايير الأخرى، بحيث تخضع المنتجات المغربية لرقابة مُسبقة من قبل السلطات المغربية قبل تصديرها وكذلك من قبل السلطات الأوروبية قبل ولوج الأسواق الأوروبية”.
المصدر : هسبربيس