أخبار
ورقة بحثية تنبش في تعبيرات “فن الشارع” لدى المجموعات الشبابية بالمغرب
سلطت ورقة بحثية حديثة الضوء على ظاهرة فنون الشارع بالمغرب، التي أصبحت تأخذ مكانها داخل الفضاء العمومي من خلال مجموعة من المبادرات الفنية والثقافية، سواء الفردية أو مبادرات المجتمع المدني، على غرار المهرجانات والحفلات ذات الصلة، مؤكدة أن “فن الشارع أضحى خلال الثلاثين سنة الأخيرة وسيلة مهمة للوصول إلى الجمهور، إذ يعتبره بعض الفنانين وسيلة لتحدي نقائص الأنظمة في دول العالم، فيما يعتبره البعض الآخر وسيلة للترفيه”.
الورقة وردت ضمن العدد الأخير من “المجلة العربية لعلم الترجمة”، التي تصدر عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية”، وقد لفتت الانتباه إلى أن “المغرب لا يمكن استثناؤه من هذه الظاهرة الديناميكية على اعتبار التحولات التي عرفها المجتمع المغربي في الظواهر الفنية التي اتخذت من الفضاء العام مكان للعرض”.
في هذا الصدد، سجل المصدر عينه، المعنون بـ”فنون الشارع بالمغرب: استمرارية للفرجة في الفضاء العام أم فلسفة شبابية جديدة؟”، من خلال نموذج مدينة الدارالبيضاء، أن “فنون الشارع في الساحات العمومية بالمغرب لم تكن وليدة القرن الواحد والعشرين، ولكن كان لها امتداد تاريخي طويل لفترة ما قبل الاستعمار من خلال الحلقة”، مشيرا إلى أن “الأخيرة كان لها دور كبير في بناء أجهزة الإبداع الفني والتلقي عند الجمهور والمبدعين”.
وامتد هذا الإبداع ليصل إلى جيل الشباب الذين طبعت أعمالهم التعبيرية الساحات العمومية، خاصة بمدينة الدار البيضاء، إذ جاء هذا التحول الذي عرفه الفضاء العمومي المغربي نتيجة “بزوغ العديد من التعبيرات الفنية التي تتخذ من الفضاء الخارجي للبنايات مسرحا لها، وهو ما أدى إلى ظهور أمكنة أصبحت وظيفتها الأساسية احتضان هذه التعبيرات”، على غرار المجازر القديمة بالحي المحمدي التي تحولت في بداية الألفية الثانية إلى مصنع ثقافي لاحتضان عدد من المبادرات الفنية.
وأوضحت نتائج البحث، الذي أجراه كاتب الورقة البحثية على مجموعة من الفرق الفنية بالدار البيضاء، أن “هذه المجموعات الفنية تعتمد على فلسفة تقوم على عملية خلط متعمدة ومحبوك للمفردات والنظم والأنماط المتداولة للتواصل”، كما أنها “تعتبر المكان مفهوما جوهريا لشدة رمزيته وأهميته في تأسيس صيغة الفن وعلاقته بالناس”.
وأورد المصدر عينه أن “الأدوات التي تستخدمها مجموعات فنون الشارع تتماشى مع رؤيتها المناهضة للفكرة المسبقة عن الفن التي تضع تصورا للإبداع أو لأدواته إنجازه”؛ فيما يعتبر فنانو هذه المجموعات “وسائل التواصل الحديثة امتدادا طبيعيا لمهاراتهم وتعبيرهم الفني لأنها ساهمت من جهة في تكوينهم النظري الفني، من خلال الاطلاع على مجموعات فنون الشارع في دول أخرى، كما أنها تستجيب من جهة أخرى لأطروحتهم المتعلقة بضرورة المزج بين عدة فنون في العرض الواحد، إذ لا يؤمنون بالفصل بين الفنون”.
وخلص البحث إلى أن “مجموعات فن الشارع ومن خلال الأدوات الجمالية الجديدة التي تعتمدها فإنها تبتعد عن بهرج ما تسميه الفن الرسمي، وتنفر من طقوسه الاستيتيقية المقننة بالذوق الرسمي والمقيدة بالفضاء المغلق”، مسجلا أن بعض الفرق بعد الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب “رفضت اعتماد المسالك الرسمية للمشاركة في التظاهرات رغم الدعوات العديدة من وزارة الثقافة، لأن ذلك نابع من مبدأ فكري وفني تتبناه”.