أخبار
تخفيف إجراءات تقييد استعمال الماء يواجه تحذير خبراء من خطر التهاون
تواصل حقينة السدود المغربية انتعاشها التدريجي بسبب التساقطات التي عرفتها أنحاء واسعة من المملكة شهر مارس المنصرم، وخففت من حدة الجفاف، فضلا عن التساقطات الثلجية التي تستمر عملية ذوبانها في إغناء مخزون السدود القريبة منها، إذ إن المخزون المائي يقترب من المعدل المسجل خلال السنة الماضية.
ووفق الأرقام التي تعلنها وزارة التجهيز والماء حول حقينة السدود اليومية فإن وضعية الملء بلغت نسبة تقدر بـ32,6 بالمائة، الثلاثاء، أي بمخزون مائي تجاوز 5 ملايير و262 مليون متر مكعب، في وقت كانت تبلغ نسبة الملء السنة الماضية 34,2 بالمائة، بما يفوق 5 ملايير و508 ملايين متر مكعب.
وتبين الإحصائيات المعلنة أن الفارق تقلص إلى 1,6 بالمائة بخصوص المخزون المائي في السدود هذه السنة مقارنة مع 2023، مع تباين في كميات الماء المجمعة حسب الأحواض المائية المختلفة، وهو ما دفع البعض إلى المناداة بضرورة مراجعة القرارات التي اتخذتها السلطات بداعي الاقتصاد في استهلاك الماء، سواء الاستعمال اليومي أو تقييد ومنع بعض الزراعات المستنزفة له.
محمد بنعبو، الخبير من المناخ والبيئة، اعتبر في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الإجراءات التي تم اتخاذها في بداية أزمة الإجهاد المائي “مثل الإغلاق الجزئي للحمامات ومحلات غسل السيارات يمكن تعديلها وفق الوضعية المائية لكل منطقة”.
وأضاف بنعبو أن هذه الإجراءات تبين أنها كانت “توعوية تحسيسية في صفوف المواطنين ومستعملي هذه المادة الحيوية، أكثر من أنها إجراءات يمكن أن تخفض من معدل استهلاك الماء”، مشيرا إلى أنه “كانت هناك إجراءات أقوى همت مراجعة مجموعة من المزروعات التي تبين أنها تستهلك موارد مائية كبيرة جدا، مثل القرارات العاملية التي منعت زارعة البطيخ الأحمر بعدد من الأقاليم، والتي لا يمكن مراجعتها الآن”.
وأفاد الخبير ذاته بأن “الإقبال الكبير على الحمامات في الأيام الأربعة المتاحة في الأسبوع يوضح أن هذه الإجراءات كانت تحتاج إلى نوع من التريث والدراسة الميدانية”، وزاد: “تحرك الشرطة المائية أمر مهم كنا نطالب به في السنوات الماضية للجفاف والإجهاد المائي، والآن بدأت تقوم بأدوارها الاستباقية في مراقبة المجال”.
مقابل هذا الرأي، يرى الخبير في المجال المائي عبد الرحيم هندوف أن “نسبة ملء السدود المقدرة بـ32 بالمائة تبقى ضعيفة مقارنة بـ34 بالمائة الخاصة بالسنة الماضية”.
وأضاف هندوف في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “بل أكثر من ذلك هذا الرقم يخفي وراءه توزيعا غير متجانس بتاتا بين المناطق والأحواض المائية”، مبرزا أنه “باستثناء أحواض اللوكوس وسبو وتانسيفت باقي الأحواض المائية لا تتعدى فيها نسبة الملء 24 بالمائة”، ومشددا على أن “الوضعية المائية لهذه السنة مازالت تعاني من عجز كبير جدا”.
وأكد الخبير ذاته أن “هذا الوضع لا ينبغي أن يدفعنا إلى التساهل أو التعامل وكأننا أمام سنة عادية، بل هناك بعض المناطق ستعاني من العطش”؛ وذلك في رسالة تنبيه واضحة منه إلى عمق الأزمة التي تواجهها البلاد.
وتابع المتحدث ذاته: “أما بالنسبة للسقي فعدد من المناطق لا وجود لماء من أجل السقي فيها، مثل تادلة ودكالة ومناطق سقوية كبيرة يتم فيها الاعتماد على المياه الجوفية، وإذا بالغنا في الضغط عليها ستنضب”، معتبرا أن “المغرب يواجه أزمة حقيقية لا ينبغي أن نتهاون في اليقظة والتعامل معها”.
كما أشار الهندوف إلى أن “الماء ينبغي التعامل معه كمورد يسير في التناقص وينبغي أن نحافظ عليه”، معتبرا أن “مشاهد من قبيل مواطن يغسل سيارته بالأنبوب والماء يضيع ينبغي القطع معها”، وزاد: “عندما أرى شخصا يقوم بذلك أقصده وأقول له إنك ترتكب جريمة في حقنا. وكذلك في المدن نشاهد الكثير من أصحاب المحلات التجارية والمقاهي يغسلون أرضية وواجهة المحلات بالمياه، وهذا لا يستقيم وينبغي التصدي له”.
ودعا المتحدث شرطة الماء إلى التدخل وردع هذه السلوكيات، “لأن الماء ملك مشترك للجميع، وبالتالي ينبغي القطع مع هذه الممارسات والإبقاء على الإجراءات المفروضة وتعزيزها”، مؤكدا على ضرورة “غرس قيم وثقافة الحفاظ على الماء في نفوس الأطفال”.
المصدر : هسبريس